Loading...

الحياةُ رحلةٌ - Lesson 5

التحدّث مع الله

لا يتطلّب التواصل السليم مجرّد الاستماع بل التحدّث أيضاً. الصلاة ببساطة هي الحديث مع الله، عن أي شيءٍ وكل شيءٍ. الله هو أبونا الجديد، وهو يريد أنْ يسمع صوتك. كيف تصلّي؟ ما الذي تصلّي من أجله؟ ماذا لو كانت لديّ صعوبة في الاستماع إلى صوته؟

Bill Mounce
الحياةُ رحلةٌ
Lesson 5
Watching Now
التحدّث مع الله

Lessons
About
Resources
Transcript
  • ألقِ نظرة على تجربة تحوّلك. من المفضّل دائماً أنْ تلقي نظرة على تجربة تحوّلك. ماذا حدث في رأيك عندما صرتَ واحداً من أتباع يسوع المسيح؟ هل هناك شيءٌ لا تستوضحه؟ هل من الممكن أنْ تكون قد أسأتَ فهم أي شيءٍ؟ هل حدث أي شيءٍ لم تكن على معرفةٍ به؟

  • التغيّر الذي يحدث في حياتك. يعني "التحوّل" أنّكَ تحوّلتَ من وضعٍ إلى وضعٍ آخر. لقد تحوّلتَ من شخصٍ عاديّ إلى تلميذٍ ليسوع. يعني هذا أيضاً أنّ الله يعمل الآن في حياتك، ويبدأ في أنْ يجعلك أكثر تشبّهاً بيسوع. هل هذا يدهشك؟ ما الذي حدث بالفعل عندما صرتَ مؤمناً؟ كيف تبدو هذه الحياة الجديدة لك كواحدٍ من أتباع يسوع؟ هل تتغيّر حياتي تلقائياً؟

  • سوف تعثر في مسيرتك الجديدة مع الله على الرغم من أنّ قوة الله تعمل فيك، وتساعدك لتصبح أكثر تشبّهاً بيسوع. ليس المقصود من هذا انتزاع فرحك بإيمانك الجديد، بل إعدادك لفرح النمو الروحيّ الذي ينتظرك. يعرف الله هذا ولن يفاجئه الأمر، فهذا لن يؤثر سلباً على تعهّده معك. ما معنى "الخطيّة"؟ هل التجربة خطيّة؟ كيف ستخبر الله أنّك أخطأت وأنك آسف؟ هل يغفر؟ هل يمكنك أنْ تطهر؟

  • التواصل عنصرٌ حاسم في أية علاقةٍ، وهو ينطوي على كلٍ من الاستماع والتحدّث. كلّمنا الله بطريقتين أساسيتين، من خلال الخليقة ومن خلال كلمته، أي الكتاب المقدّس. ما معنى مفاهيم "الوحي"، و"السلطان"، و"القانونيّة"؟ هل يمكن أنْ نثق بالكتاب المقدّس؟ كيف أستمع إلى الله فيما أقرأ كلمته؟ هل من المفترض أنْ أفعل أي شيءٍ بعد قراءته؟

  • لا يتطلّب التواصل السليم مجرّد الاستماع بل التحدّث أيضاً. الصلاة ببساطة هي الحديث مع الله، عن أي شيءٍ وكل شيءٍ. الله هو أبونا الجديد، وهو يريد أنْ يسمع صوتك. كيف تصلّي؟ ما الذي تصلّي من أجله؟ ماذا لو كانت لديّ صعوبة في الاستماع إلى صوته؟

  • عندما صرتَ مؤمناً فهمتَ بعض الأمور عن الله. ولكن هل تعلم أنّه يعرف كل شيءٍ؟ وأنه حاضرٌ في كل مكانٍ؟ وأنّه قادرٌ على كل شيءٍ؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه معرفة الله غير المحدودة؟ ما معنى العبادة؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه ما نعرفه عن الله؟

  • يسوع هو أشهر شخصيّة عرفها التاريخ. يفوق تأثيرُه على مجريات تاريخ العالم تأثيرَ أيِّ زعيمٍ آخر أو فلسفةٍ أو حركةٍ سياسيّة. يعرف كثيرٌ من الناس هذا الاسم، ولكن منْ هو؟ ماذا قال عن نفسه؟ ماذا قال أتباعه عنه؟ وما هو مغزى وأهمية هذه الأسئلة وأجوبتنا؟

  • صنع يسوع الكثير من الأشياء عندما كان على الأرض، ولكن أعظم أعماله كان الموت على الصليب. ولكن ماذا حدث بالضبط؟ ما الذي تحقّق؟ ماذا يقصد الكتاب المقدّس عندما يتحدّث عن يسوع كونه "حَمَل الله"؟ هل هناك أي شيءٍ يمكن أنْ يساعدني على فهم أهمية موته. هل أنا بحاجةٍ للتذكير بذلك الموضوع بصفةٍ منتظمة؟

  • يؤمن المسيحيون بالتوحيد، فنحن نؤمن بإلهٍ واحد. نؤمن أيضاً بالثالوث، أي أنّنا نؤمن بثلاثة "أقانيم" للثالوث: الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس. من هو الأقنوم الثالث في الثالوث؟ ما هو عمله في الواقع؟ ما هو دوره المستمرّ في حياتي؟ ما معنى قيادة الروح القدس لي وتمكينه إياي؟ هل ينبغي عليّ عمل أي شيءٍ، أم أنّه يتولّى عمل كل شيءٍ؟ كيف يمكن أنْ يكون حالنا لولا عمل الروح القدس؟

  • عندما صرتَ مؤمناً بدأتَ في السير مع الله. هذه عمليةٌ مستمرة يوماً بيومٍ تفقد فيها الخطيّة سطوتها على حياتك تدريجياًّ وتصير أكثر تشبّهاً بيسوع. ولكن بعض الأيام تكون أصعب من غيرها، وخصوصاً عندما تأتي الأوقات العصيبة. لماذا تحدث هذه "الأشياء السيّئة"؟ هل يمكنني الاحتفاظ ببعض جوانب نفسي بعيداً عن الله إذا كان ذلك يساعدني على تجنّب الألم؟ هل هناك أيّة عواقب للسماح للخطيّة بالدخول في بعض جوانب حياتي؟ ما معنى أنْ يكون يسوع هو "المخلّص" و"الربّ"؟

  • عندما نصير أولاداً لله ، نصبح أفراد عائلة جديدة لها أبٌ جديد وأخوات وإخوة جدد ووطنٌ جديد. كيف أتواصل مع هؤلاء الناس؟ هل أنا بحاجةٍ لقضاء بعض الوقت معهم؟ هل هذه مهمةٌ سهلة أم صعبة؟ كيف يمكن أنْ تساعدني الكنيسة الأولى على فهم هذه الموضوعات؟ كيف تبيّن محبتي لله نفسها للآخرين؟

  • ينبغي على التلاميذ تلمذة المزيد من التلاميذ. هذه واحدةٌ من أسعد التجارب في حياتك فيما تشارك الآخرين كيف أحياك الله، وسوف يفعل الشيء نفسه لأصدقائك، وجيرانك، وغيرهم. ليست هذه عمليّة مخيفة، ولكنها طبيعيّة في الواقع للأشخاص الذين تغيّروا ويعيشون حياة متغيّرة. كيف سيستجيب الناس لك؟ ما هي "الشهادة الشخصيّة"؟ كيف أخبر الناس أنّ بإمكانهم أيضاً أنْ يكونوا تلاميذاً ليسوع؟ ماذا لو لم أعجبهم؟

Arabic

مدة منهجنا 12 أسبوعاً، وهو يوجّه الطلّاب في الاتجاه الصحيح، ويشجّع المؤمنين الناضجين على إرشادهم. ومن المعتاد أن يتفاعل الطالب مع المقطع الكتابيّ خلال الأسبوع، ونشجّعه لكي يبدأ في كتابة تأملاته، والصلاة، وحفظ النصوص الكتابية عن ظهر قلب. ثم يستمع الطالب والمرشد كلاهما إلى حديث مدّته ثلاثون دقيقة وتوجد معه ملاحظات دراسية، وبعدها يعملان على الإجابة عن الأسئلة التأملية ويبقى لديهما يومان للتأمل بما تعلّماه.

ويتم النسخ ويمكن تحميلها (انظر إلى اليمين) . ونحن نعمل على المصنف والصوت.

الدَّرْسُ الخامِسُ ■ التحدُّثُ معَ الله

 

دَخَلْنا في عَلاقةٍ معَ خالقِنا عندما صِرْنا مُؤْمنين. وللتّواصلِ دورٌ رئيسيٌّ مِثلما لهُ دورٌ في أيّةِ علاقةٍ ثانية. يتحدَّثُ اللهُ معَنا مِنْ خلالِ الكتابِ المقدّسِ بالدّرجةِ الأولى، ونحنُ نستمعُ إليهِ. كما يسمَعُنا اللهُ بينما نتحدَّثُ معَهُ في الصّلاة. فالصّلاةُ هيَ اسْتماعُنا إلى اللهِ وتَحدُّثِنا معَهُ، أليسَ كذلك؟ الصّلاةُ هيَ الاسْتماعُ إلى الله، والتحدُّثُ معَهُ حولَ أيِّ شيءٍ، وكلِّ الأشياء. الصّلاةُ وقتٌ مُفرِّحٌ لأولادِ اللهِ وامتيازٌ لهُمْ، وينبغي أنْ تكونَ أمراً طبيعيّاً جدّاً.

 

  • كيفَ أُصَلِّي؟

 

ربّما يتساءلُ الفردُ مِنّا كمسيحيّين جُدَدٍ، "كيفَ أُصلّي بالضبط؟" وتلاميذُ يسوعَ سألوهُ السؤالَ نفسَهُ، ويُعرَفُ جوابُ يسوع لهُمْ باسمِ الصّلاةِ الربانيّة، وهيَ ترِدُ في إنجيلِ متّى، أوّلِ أسفارِ العهدِ الجديد. يُعلّمنا يسوعُ في متّى 9:6-13 كيف نصلّي. أريدُ أنْ أركّز على هذا المقطع. لاحظوا كيفَ يبدأُ يسوعُ قائِلاً، "فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا". لم يُرِدْ يسوعُ أنْ يتكرّرَ نموذجُ الصّلاةِ هذا عبثاً كما لو كانَ تعويذةً سحريّة. ولمْ يَقْصُدْ قطّ أنْ نردِّدَ الصّلاةَ الربانيّةَ في الكنيسةِ ونحنُ نفكِّرُ في شيءٍ آخر. تهدِفُ الصّلاةُ الرّبانيّةُ إلى تعريفِنا بما ينبغي أنْ تتّصِفَ بهِ الصّلواتُ بصورةٍ عامة، في بُنيتِها الأساسيّةِ ومضمونِها الجوهريّ. أعتقدُ أنّ لدينا مجالاً للمرونةِ بينما نُصلّي الصّلاةَ الربانيّة، ولكنْ علينا أنْ نصلّيَ "هكذا".

ب. "أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ"

يبدأُ يسوعُ بالقَوْل، "أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ". تبدأُ الصّلاةُ بِوُجْهةِ نظرٍ سليمةٍ عَنِ الله. تبدأُ الصّلاةُ بفهمِنا لطبيعةِ اللهِ وصفاتِهِ؛ فهوَ أبونا. كانَ يسوعُ يتحدَّثُ بالّلغةِ الآراميّة. والكلمةُ الآراميّةُ التي ترادِفُ الأبَ هيَ أبَّا. ربّما سمعْتُمْ تلكَ الكلمةَ مِنْ قبل، فهيَ ليسَتْ مجرَّدَ اسمِ فرقةٍ سويديّةٍ للموسيقى! كانَ الأطفالُ يستخدمونَ كلمةَ "أبَّا" لمُخاطبةِ آبائِهِمْ، وهوَ مُصطلَحٌ يُفيدُ الأُلْفَة.

يُعلِّمُنا يسوعُ كيفيّةَ الاقترابِ إلى اللهِ بهذا الشعورِ مِنَ الأُلفَةِ العائليّةِ إذْ يبدأُ الصّلاةَ بكلمة "أَبَانَا". يريدُنا أنْ نفهمَ أنّ اللهَ الذي نُصلّي إليه، ونتحدّثُ معَهُ، يهتمُّ بنا مثلما يهتمُّ الأبُ بأولادِهِ، فهوَ أبونا "في السماء". يعلِّمُنا يسوعُ أنّنا لا يمكِنُ أنْ ننسى أبداً أنّ "أَبَانَا" الذي نتحدَّثُ معَهُ هوَ اللهُ الذي خلقَ كلَّ شيء، ويصونُ كلَّ شيء، وأوجدَ المجرّاتِ بِكلمةٍ منه. يعلِّمُنا يسوعُ أنْ نقترِبَ إلى اللهِ بخوفٍ ورعدةٍ وخشوعٍ ورهبة. يعلِّمُنا يسوعُ أنْ نبدأَ صلواتِنا قائِلين، "أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ". ويعلِّمُنا أنْ نُصلّيَ بهذا المزيجِ مِنَ الأُلفَةِ والخُشوع.

 

ج. ضَعوا أعينَكُمْ على اللهِ أوّلاً وأخيراً

ينتقِلُ يسوعُ بعدَ ذلكَ إلى الصّلاة. يمكننا أنْ نرى في النِّصْفِ الأوّلِ مِنَ الصّلاةِ أنّ الصّلاةَ تركّزُ أولاً وقبلَ كلِّ شيءٍ على الله، وليسَ علينا. ليسِتِ الصّلاةُ الرّبانيّةُ واضحةً في معظمِ التّرجمات، ولكنّها تتكوّنُ مِنْ سلسلةٍ مِنْ أفعالِ الأمرِ أوِ الطّلبِ (أي فعلٍ مضارعٍ مجزومٍ بلامِ الأمرِ أو لا الناهية). نحنُ ندعو اللهَ في الصّلاةِ الربانيّةِ أنْ يعمل، ولكنّنا لا ندعوهُ أنْ يعملَ في المقامِ الأوّلِ نيابةً عنّا، إنما نيابةً عنْهُ. نحنُ ندعو اللهَ في صلاتِنا أنْ يعملَ بطريقةٍ يمتدُّ بها مجدُهُ. وندعو اللهَ أنْ يعملَ بطريقةٍ يسبِّحُهُ النّاسُ فيها ويمجّدونَهُ هو، ولا يمجّدونَنا نحن.

 

  1. "لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ"

أوّلُ هذهِ الأفعالِ الطّلبيّةِ هوَ "لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ". كلمةُ مُقدّسٍ كلمةٌ قديمةٌ نُحِبُّ أنْ نُردِّدَها في الكنيسة، وتعني ببساطةٍ "قدّوسٌ" أوْ "بارّ". عندما نصلّي قائلين، "لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ"، فنحنُ لا ننْسِبُ للهِ شيئاً ليسَ لَهُ، ولكنَّنا ندعو اللهَ في تأكيدٍ منّا أنْ يعملَ بطريقةٍ يرى بها النّاسُ أنّهُ قدّوسٌ. ندعو اللهَ أنْ يعملَ بطريقةٍ يرى بها النّاسُ أنّهُ مجيدٌ وبارٌّ وكاملٌ في كلِّ صفاتِهِ. "في كلِّ ما تعْمَلُهُ، يا الله، ليظهرِ اسمُك كما هوَ حقّاً: قُدّوساً، وكاملاً، وبارّاً، ومجيداً. في كلِّ ما نقولُهُ وما لا نقولُهُ، في كلِّ ما نعملُهُ وما لا نعملُهُ، ليتَ النّاسَ يرونَ أنّكَ إلهٌ قدّوسٌ حقاً". هذا هو المقصودُ عندما نقولُ، "لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ".

 

  1. "لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ"

 ثاني الأفعالِ الطّلبيّةِ هوَ "لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ". ملكوتُ اللهِ ليسَ أرضيّاً. تطرّقَ يسوعُ إلى هذا في حديثِهِ إلى بيلاطسَ البنطيِّ عندما قال، "مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا". ملكوتُ الله هو حكمُهُ الملكيُّ في قلوبِ أولادِهِ وحياتِهم. عندما نُصلّي قائلين، "لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ"، فهذا معناه، "يا الله، أدعوكَ أنْ تُنفِّذَ حُكمَك المَلكيَّ فيّ، حتى يمتدَّ مِنْ خلالي إلى جميعِ مَنْ أتعاملُ معَهُمْ. ليأتِ ملكوتُكَ مِنْ خلالِ ما أقولُهُ، وما لا أقولُهُ. ليمتدَّ ملكوتُكَ مِنْ خلالِ ما أعمَلُهُ، وما لا أعمَلُهُ. هذا هوَ ما سيحدُثُ في نهايةِ المطاف، أليسَ كذلك؟

عندما يُرسِلُ اللهُ يسوعَ ثانيةً إلى الأرضِ في نهايةِ الزّمانِ، سوفَ "تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ"، كما يقولُ بولسُ لكنيسةِ فيلبّي. سوفَ يأتي ملكوتُ اللهِ في ملئِهِ يوماً ما. أمّا الآن، فصلاتُنا أنْ يسودَ حُكمُهُ المَلكِيُّ في حياتِنا ويمتلِكَها، ويقودَنا ثم ينتقلَ مِنْ خلالِنا إلى جميعِ مَنْ نتعامَلُ معهُمْ. " لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ".

 

  1. "لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ"

والطّلَبُ الثّالِثُ هوَ "لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ". تَتِمُّ مشيئةُ اللهِ وأهدافُهُ ورغباتُهُ بشكلٍ كاملٍ في السّماء. تُعلِّمُنا هذهِ الصّلاةُ أنْ نُصلّيَ مثلما صلّى يسوعُ في بستانِ جُثسيماني. ينبغي أنْ يُصلِّيَ كلٌّ مِنّا قائلاً، "لتكُنْ مشيئتُكَ، يا الله، لا مشيئتي". لتكُنْ مشيئتُكَ لا مشيئتي، ولتكُنْ على الأرضِ كما في السّماء. يجبُ ألّا يُفاجِئَ هذا المقطعُ مِنَ الصّلاةِ أيَّ مسيحيٍّ لأنّ كونَنا مسيحيّينَ معناهُ أنّنا نفهَمُ أنَّ العالَمَ لا يَدورُ حولَنا. أليسَ كذلك؟

يقولُ بولسُ لكنيسةِ الغلاطيّين، "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ". ويقولُ يسوع، "هل تريدُ أنْ تكونَ لي تلميذاً؟ إذاً أنْكِرْ نفسَكَ وأَنْكِرْ مشيئتَكَ واحمِلْ صليبَكَ. عِشْ كلَّ يومٍ وكأنكَ صُلِبْتَ عنْ نفسِكَ. هكذا تتبَعُني." هذا هو معْنى أنْ نكونَ مسيحيّين. لمْ يَعُدِ الأَمْرُ يخُصُّنا. وهذا درسٌ يصعُبُ تعلُّمُهُ، أليسَ كذلك؟ تستمرُّ التَّجْرِبَةُ في حربِها فأقولُ، "ولكنَّ الأمرَ يخصُّني! لستُ أُحِبُّ الطّريقةَ التي تعملُ بِها هذا بلْ أريدُ ...". هذا هوَ الواقعُ، أليسَ كذلك؟ على أيِّ حالٍ، يحدثُ هذا معي على الأقلّ. يجبُ أنْ أتذكَّرَ دائماً أنَّ الأمرَ لا يَخُصُّني. تُذَكِّرُني الصّلاةُ الرّبانيّةُ بأنّهُ، "لتكُنْ مشيئتُكَ، يا أبي. لتكُنْ مشيئتُكَ على الأرضِ فيَّ، لتكُنْ مشيئتُكَ على الأرضِ مِنْ حَوْلي، وفي نهايةِ المطافِ، لتكُنْ مشيئتُكَ على الأرضِ في كلِّ مكانٍ! لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ".

تبدأُ الصّلاةُ الكتابيّةُ بالله، إذ تضَعُ اللهَ أوّلاً. وبنيما نُصلّي، "أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ"، تبهَتُ صورتُنا في الخلفيّةِ، وننشَغِلُ باللهِ ومجدِهِ وتسبيحِهِ وإكرامِهِ، فلا تعودُ حياتُنا مُرتبِطةً بالأشياءِ التي عمِلْناها. تُعلِّمْنا الصّلاةُ أنْ ننتقِلَ إلى إجلالِ اللهِ وعبادتِهِ، مسبّحينَ إيّاهُ على طبيعتِهِ وأعمالِهِ. تبدأُ الصّلاةُ بالعبادةِ، أليسَ كذلك؟

 

د. الاتِّكالُ الكامِلُ على الله

يأخذُ النِّصفُ الثاني مِنَ الصّلاةِ الربانيّةِ مُنْعَطفاً مختلفاً قليلاً، لأننا نتعلّمُ في النِّصفِ الثاني أنّ الصّلاةَ هي فرصتُنا للتعبيرِ عنِ اتّكالِنا الكامِلِ على الله. أعرِفُ أنّه يشيعُ القولُ بأنّنا نُصلّي مِنْ أجلِ أنفسِنا في النِّصفِ الثاني مِنَ الصّلاةِ الربانيّةِ، ولكنَّ الحقيقةَ غيرُ ذلك. نحنُ نُصلّي مِنْ أجلِ مجدِ اللهِ في البدايةِ، ثمَّ تسنَحُ لنا هذهِ الفرصُةُ الرائعةُ للاعترافِ باتّكالِنا عليهِ اتِّكالاً كامِلاً شامِلاً. وبالتالي، تستمِرُّ الصّلاةُ في التَّركيزِ على اللهِ رغمَ أنّنا طرَفٌ فيها.

الاتِّكالُ على الذّاتِ ليسَ فضيلةً مسيحيّةً بلْ هوَ خطيّةٌ. فاللهُ لا يساعدُ مَنْ يساعدونَ أنفسَهُمْ، وهذا ليسَ تعليماً كتابيّاً. يساعِدُ اللهُ مَنْ يَصرُخونَ كما يقولُ المرنّمُ، "إِنَّمَا هُوَ صَخْرَتِي وَخَلاَصِي". "لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ وَمِنَ الْوَبَإِ الْخَطِرِ. بِخَوَافِيهِ يُظَلِّلُكَ وَتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي". الاتِّكالُ على الذّاتِ هوَ اتّجاهٌ رواقيٌّ دنيويٌّ وخاطِئٌ. أمّا الاتِّكالُ على المسيح، والاتِّكالُ الكاملُ على الله، فهو ما يدعونا اللهُ لَهُ. لذلكَ فإنَّ الاتِّكالَ الكاملَ على الله هوَ موضوعُ النِّصفِ الثاني مِنَ الصّلاةِ الربانيّة.

 

  1. "خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ"

نعترِفُ في الطّلَبِ الرّابعِ باتّكالِنا الكاملِ على اللهِ بِخُصوصِ احتياجاتِنا الماديّة. نُصلّي قائلين، "خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ". يهتمُّ اللهُ بتفاصيلِ حياتِنا، وبحالتِنا الدُّنيويّةِ العاديّةِ، وبِخُبْزِنا اليوميّ. فكيفَ يكونُ لنا صديقاً إنْ لمْ يهتمَّ بتفاصيلِ حياتِنا؟ ورغمَ ذلكَ، أعتقِدُ أنّ المقصودَ مِنْ هذا الطّلَبِ الرّابعِ ليسَ مجرّدَ الصّلاةِ مِنْ أجلِ الغذاءِ وحدَهُ. أعتقدُ أنّ المقصودَ هوَ أنّ لدينا فرصةً للاعترافِ باتّكالِنا عليْهِ بِخُصوصِ احتياجاتِنا الماديّةِ كلِّها، بما في ذلِكَ المَلبسُ والمَأْوى.

أقولُ ذلكَ لأنَّ هذهِ هيَ النُّقطَةُ التي يتطرّقُ إليها يسوعُ لاحِقاً في متّى 6. يقولُ يسوعُ في متّى 25:6، "لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ... " ثم يقولُ في الآية 31، "فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ (أيْ غيرُ المؤمنين في سياقِ كلامِنا). لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هَذِهِ كُلِّهَا. لَكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي اليَوْمَ شَرُّهُ".

أليسَ الأمنُ وَهْماً؟ فالله هو أساسُ إيمانِنا، حتى بخصوصِ أبسطِ أمورِ الحياة. ولكنْ لاحظوا أنّ وعدَ الكتابِ المقدّسِ هوَ أنّ اللهَ يريدُ أنْ يسدّدَ احتياجاتِنا، وليسَ "مطامِعَنا". نحنُ مدعوّونَ للصّلاةِ مِنْ أجلِ الخُبْزِ اليوميِّ، لا مِنْ أجلِ الخُبْزِ السنويّ. أجدُ نفسي في بعضِ الأحيانِ أصلّي مِنْ أجلِ الخُبْزِ السنويِّ قائلاً، "يا اللهُ اعْملْ هذا أو ذاكَ حتى لا أشعرَ بالقلق". أمّا المعنى الحقيقيُّ لِمِثْلِ هذهِ الصّلاةِ فهوَ، "يا اللهُ إنّي لا أريدُ أنْ أثقَ بكَ الآن، ولذلكَ أُفَضّلُ إيداعَ ما يكفي مِنَ المالِ في البنكِ لكيْ لا أشعرَ بالقلقِ حِيالَ شيء". هذهِ هيَ مطامِعُنا. التكريسُ هوَ الثّقةُ بالله، وعندما نثقُ باللهِ يغمُرُنا الفرحُ حينَ يدبِّرُ لنا كلَّ ما نحتاجُ إليهِ يوماً بعدَ الآخر. "خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ".

 

  1. "وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا"

الطَّلبُ الخامِسُ هوَ فُرصَتُنا للتعبيرِ عَنِ اتّكالِنا على اللهِ ليسَ فقَطْ فيما يخُصُّ احتياجاتِنا الماديّة، بلْ أيضاً لتلبيةِ احتياجاتِنا الرّوحية، ولهذا نصلّي، "وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا". "يا اللهُ تغاضَ عَنْ سيِّئاتنا كما نتغاضى عَنْ سيِّئاتِ الآخرين". يتطرّقُ يسوعُ إلى الخطيّةِ بصفَتِها دَيْناً ندينُ بِهِ إلى الله (في الإنكليزيةِ اصفَحْ عَنْ ديونِنا). وثمنُ هذا الدَّيْنِ هوَ الغُفران، ولا يسدِّدُهُ سوى الله.

ربّما تعرفونَ ترجمةً أُخرى تُفسِّرُ كلماتِ هذا التشبيهِ مثل، "واغفِرْ لنا ذنوبَنا وخطايانا كما نغفِرُ نحنُ أيضاً لمَنْ أخطأَ وأساءَ إلينا". تشيرُ التّرجمتانِ إلى الفكرةِ نفسِها بضرورةِ الوُقوفِ أمامَ عرشِ النِّعمةِ وطَلَبِ الغُفرانِ مِنَ اللهِ كما غفَرْنا نحنُ للمُذنبينَ إلينا. لاحظوا العلاقةَ بينَ غُفرانِ اللهِ لنا وغفرانِنا للآخرين. وفي الواقعِ، هذهِ النّقطةُ مهمّةٌ للغايةِ، وربّما يصعُبُ جدّاً فهمُها ووَضْعُها مَوْضِعَ التنفيذ. يركِّزُ يسوعُ على هذهِ النّقطةِ مِنْ بينِ جميعِ أقوالِهِ في الصّلاةِ الربانيّة. تقولُ الآيتانِ 15،14، "فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلَّاتِكُمْ".

لا أُحِبُّ أنْ أَزُفَّ لكُمْ أخباراً سيّئَةً، ولكنْ سيُخطئُ الآخرونُ بحقِّنا. ربّما سيُخطِئُ أحدُ الأصدقاءِ بحقِّنا، أوْ أحدُ زملاءِ العمل، أوْ أحدُ القُسوس، أوْ ربّما أحدُ الشّيوخ، أوْ أيُّ شخْصٍ في الكنيسة. عندما يخطئُ الآخرونَ بحقِّنا، تهمِسُ لنا التَّجْرِبَةُ التي نُسمّيها الآنَ تجربةً، ولكنْ عندما نستسلمُ لها نسمّيها خطيّةً، حينَ نكتّفُ ذراعَيْنا، ويقولُ كلٌّ مِنّا في غَطْرسةٍ خاطِئَةٍ وكبرياء:

"أنا مُحِقٌّ وَهُمْ مُخطِئون".

"لقد أساءوا إليَّ ولنْ أغفِرَ لهُمْ إنْ لمْ يأتوني زاحفين".

"لنْ أغفِرَ لهُمْ إنْ لمْ يتوبوا".

"لنْ أغفِرَ لهُمْ إنْ لمْ يعترفوا على الأقلِّ بِخَطَئِهِمْ".

عندما نعْملُ هذا فنحنُ لا نُسيءُ إلّا لأنفُسِنا. إنْ لمْ نغفرْ للآخرين، فلنْ يغفرَ لنا الله. لا يوجدُ ما يجعلُنا نشترِطُ عليهِمْ أنْ يتوبوا، أوْ يعترفوا بِخَطَئِهِمْ، أوْ يأتوا إلينا زاحفين. فالمسألَةُ بسيطةٌ، "اغفِروا للآخرينَ وإلّا فلَنْ يغفرَ لكُمْ الله". بدونِ الغُفرانِ تتضرّرُ علاقتُنا معَ اللهِ أشدَّ الضّرَر، ويتعطّلُ التواصل.

ترِدُ آيتانِ تُناقشانِ مسألةَ الغُفرانِ بِقُوّةٍ، وأريدُ أنْ أؤكِّدَ عليْهِما. وجَدَ يسوعُ أنّهُ مِنَ الضَّروريِّ التَّركيزُ على هذهِ النّقطة، ولِهذا تَرِدُ الآيتانِ بعدَ الصّلاةِ الرّبانيّة. تقولُ أفسس 32:4، "وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ..." هلْ عندما يأتونَ إليكُمْ زاحِفينَ تائبينَ نادمين. كلّا! "وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضاً فِي الْمَسِيحِ". لقَدْ تَعرَّضْتُ لإساءاتِ الآخرينَ مِثلما حدثَ معكُمْ تماماً. لمْ يُسمِّرْني أحدٌ على الصّليبِ مِنْ قَبْل، ولكنّني سمرّْتُ يسوعَ على الصليب. قالَ يسوعُ على الصليب، "يا أبتاهُ اغْفِرْ لبيلْ ماونْس لأنّهُ لا يعلمُ ما يفعل". إذا كانَ اللهُ قدْ غفرَ لي بالتأكيدِ في المسيح، فجديرٌ بي أنْ أطيعَهُ وأغفِرَ لأيِّ إنسانٍ أَخْطأَ بِحَقِّي؛ فهذهِ علامةُ توبتي الحقيقيّةُ أمامَ الله. "وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضاً فِي الْمَسِيحِ".

أمّا المقطعُ الآخَرُ الذي لهُ في الحقيقةِ وقْعٌ أقوى فيَرِدُ في متّى 18، أيْ بعدَ بضْعَةِ فُصولٍ، وهوَ مِثْلُ العبدِ الذي لا يَغْفِرُ ولا يرْحَم. كانَ هذا العبْدُ مديوناً لسيِّدِهِ بملايينِ الدّولارات، وإذ لمْ يقدِرْ على سدادِ دينِهِ، ناشَدَ سيِّدَهُ كيْ يعفوَ عنْهُ. وكانَ سيِّدُهُ كريماً، لذلكَ قالَ لَهُ، "حَسَناً، إنّي تارِكٌ لكَ الدَّيْن". وبينما كانَ هذا العبدُ القاسي ذاهباً إلى بيتِهِ، وَجَدَ إنساناً مديوناً لهُ بمجرّدِ مئتيْ دولار، فرفَضَ بتاتاً أنْ يعفوَ عنْهُ، وألقاهُ في السِّجْن. ولمّا ساءَ في نَظَرِ رُفقائِهِ ما فعَلَهُ ذلكَ العبدُ النّاكِرُ الجميل، ذهبوا إلى سيِّدِهِ، وقصُّوا عليْهِ كلَّ ما جرى.

دعا السيّدُ ذلكَ العبدَ القاسي، الذي نالَ العفْوَ عَنْ دينِهِ الكبير، وقالَ لَهُ في متّى 32:18-33، "أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ كُلُّ ذَلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ. أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضاً تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟" وهكذا غضِبَ السيّدُ وألقى العبدَ القاسي في السِّجن. ثم يخْتِمُ يسوعُ المثلَ في الآية 35 قائلاً، "فَهَكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلَّاتِهِ". "وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا". "واغفِرْ لنا خطايانا كما نَغْفِرُ نحْنُ أيضاً للذين يُسيئون إلينا". وهذا الأمرُ ليسَ سَهْلاً، ولكنّهُ ضروريٌّ.

 

  1. "وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ."

الطَّلَبُ السّادِسُ والأخيرُ في الصّلاةِ الرّبانيّةِ هوَ، "وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ". نعرِفُ مِنْ يَعقوب 13:1 أنّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ. يدعونا يسوعُ للتعبيرِ عَنْ اتّكالِنا على الله، ومُقاومةِ قوّة التَّجْرِبَة، ومُقاومةِ قوّةِ الخطيّة، ومُقاومةِ قوّةِ الشرِّ وقوّةِ الشرير. نحْنُ لا نقْدِرُ بأنفسِنا على مُقاومةِ الشرِّ، وخُصوصاً الشيطان. 

أتعرِفونَ الآيةَ التي يقولُ فيها بولس، "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ"؟ طالما حيَّرَتْني تلكَ الآيةُ لأنّي أريدُ أنْ أضعَ فاصلاً هنا وأقول، "لستُ أعرفُ ما يحدثُ معك يا بولس، ولكنَّ مصارَعَتي هيَ معَ دمٍ ولَحْمٍ. إنَّ مُصارعتي هيَ معَ دمي ولحمي، وللأسفِ ينتهي بي المطافُ إلى مصارعتي معَ دمِ الآخرينَ ولَحْمِهِم." لكنَّ بولس يقول، "لا. فبالمقارنَةِ معَ واقعِ الحياة، إنْ كُنْتَ تعرفُ حقيقةَ ما يحدُثُ، يا بيل، فإنَّ مُصارعَتَكَ ليسَتْ معَ دمٍ ولَحْمٍ بلْ معَ القُوى الرّوحيةِ أيِ الرؤساءِ والسّلاطين، ولا يُمكنُكَ أنْ تربَحَ تلكَ المعركَةَ بمفرَدِكَ." ولذلكُ نصرُخُ إلى الله، متّكلينَ عليْهِ بألّا يُدْخِلَنا في تجربةٍ لا نقدِرُ أنْ نقاومَها، بلْ أنْ ينجّيَنا مِنَ الشرير.

 

هـ. مُقْتَرَحان عَمَلِيّان

هذهِ هيَ الصَّلاةُ الرّبانيّة، وهكذا علّمَ يسوعُ تلاميذَهُ طريقةَ الصّلاة. الصّلاةُ الربانيّةُ هيَ الهيكلُ العامُّ لطريقةِ صلاتِنا ومحتواها العامُّ. أريدُ أنْ أشارِكَكُمْ بمُقتَرحَيْنِ عمَليَّيْن بخصوصِ الصَّلاة. هناكَ الكثيرُ والكثيرُ مِنَ الأُمورِ التي كانَ يُمكِنُني أنْ أقولَها عَنِ الصّلاة. ووجدْتُ أنّه مِنَ الصَّعبِ للغايةِ أنْ أختارَ الأمورَ الأكثرَ أهميّةً. ولكنْ دعوني أشاركُكُمْ بمُقتَرحَيْنِ عمَليَّيْن.

 

  1. التَّحَدُّثُ معَ اللهِ حِوارٌ

المُقْتَرَحُ الأَوَّلُ هوَ التَحدَّثُ معَ الله. لاحِظوا عُنوانَ هذا المقطع. نحْنُ لا نتحدَّثُ إلى اللهِ أوْ عَنِ الله، بلْ معَ الله. يكونُ التّواصلُ السليمُ دائماً على هيئةِ حوارٍ، أليسَ كذلك؟ إنّهُ دائماً حوارٌ مُتبادَلٌ بينَ طَرَفيْن. عندما أجلسُ معَ زوجتي روبِنْ في الصَّباح، فنحْنُ لا نتحدَّثُ أحدُنا للآخَر، بلْ نتبادلُ الأفكار، ونتفاعلُ ونتأمّلُ في حقيقةِ الأُمور، أيْ أنّنا نتحدَّثُ أحدُنا مع الآخر. لَطالما عانيْتُ مِنْ مُشكِلَةِ تشتُّتِ الذِّهْنِ في الصّلاة. هلْ تُعاني مِثْلي مِنْ هذا؟ نحنُ نبذُلُ قُصارى جُهْدِنا (وربّما هذا جزءٌ مِنَ المُشكِلَة)، إذْ نقِفُ أمامَ اللهِ الذي صنعَ المجرّاتِ بكلمةٍ مِنْهُ، وقالَ فكان، وأمرَ فصار. نقفُ أو نجلسُ أو نركعُ أمامَ إلهَ المجرّات، وبعدَ لحظاتٍ يسرَحُ فكرُنا في جزِّ العُشبِ اليوم! وبعدَ ذلكَ يداهِمُنا الشّعورُ بالذَّنْب. وهذا ما أكْرَهُهُ!

كنتُ أقرأُ أحدَ كُتُبِ أ. و. توزَرْ منذُ ما يقرُبُ مِنْ ثلاثةِ أوْ أربعةِ شُهورٍ، ووجدْتُ أنّهُ كانَ يفعلُ الأمرَ نفسَهُ. قدّمَ توزرْ مُقتَرَحاً، ووضعْتُهُ موضِعَ التّنْفيذِ في الشَّهْرَيْنِ الماضِيَيْن، وكانَتْ نتائِجُهُ رائعة. يقولُ، "لا تبدأِ الصّلاةَ بمجرّدِ استيقاظِكَ في الصَّباحِ لأنَّ التَّركيزَ سيكونُ صعْباً لِلْغاية." فهوَ يبْدأُ يومَهُ بِقراءةِ الكتابِ المقدّس. (أودُّ أنْ أشجّعَكُمْ على قراءةِ سفرِ المزامير، والتأمّلِ فيهِ، فدائماً أكتشِفُ فيهِ أسراراً لمْ أرَها مِنْ قبل). ابدأوا بقراءةِ الكتابِ المقدّس. وأنْصِتوا إلى هَمَساتِ الرّوحِ القدسِ وأنتُمْ تقرأون. وعندما تقرأونَ آيةً، سوفَ يسألكُمُ الرّوح، "هلْ تفهمونَ ذلك؟" أوِ "أنتُمْ بحاجةٍ للتّشجيعِ اليوم. إنّي أعرِفُ ما سيحدُث! أنتُمْ بحاجةٍ للتّشجيع. أنْصِتوا إلى هذهِ الآية". أوْ ربّما يقولُ الرّوح، "عليكُمْ بمعالجةِ هذهِ المسألة". ولذلكَ أودُّ أنْ أشجِّعَكُمْ على قراءةِ النصِّ معَ الإنْصاتِ طوالَ الوقت. توقّفوا حالَما تسمعونَ تلكَ الهَمْسة، وأعيدوا قراءةَ الآية، ثمَّ ابدأوا بالصّلاةِ قائلين، "يا ربُّ، ما الذي تريدُني أنْ أراه؟ ما هي الناحيةُ التي أحتاجُ إلى تشجيعِكَ أو تبكيتِكَ فيها؟ ما هيَ الناحيةُ التي أحتاجُ فيها إلى فهمِ هذهِ الآيةِ أو تطبيقِها؟"

ماذا تعملونَ دائماً بعدَ أنْ تتحدّثوا؟ هلْ تصمتونَ وتصيرونَ في حالةِ هدوءٍ تامّ؟ لسْتُ أعرفُ ما يحدُثُ معكُمْ، ولكنّني أُعاني مِنْ صُعوبةٍ في السَّمعِ الجسديِّ والروحيّ. ومعَ ذلكَ، عندما نسمعُ همساتِ الرّوحِ مِنْ إلهِ الكون، ونطلُبُ العونَ والبصيرةَ، فَلْنتوقَّفْ للإنصاتِ ربّما لمدّةِ خَمْسِ دقائق. إنّ ما يحدُثُ في هذهِ المرحلةِ هوَ أنّنا ندْخُلُ في حوارٍ معَ الله. يبدو الأمرُ غامضاً بعضَ الشيء، ولكنَّنا ندخُلُ في هذا الحوارِ معَ الله. أجدُ أنّني بسببِ هذا الحوارِ أكتسِبُ القدرةَ على إطالةِ صلاتي لفتراتٍ أطولَ بدونِ التّفكيرِ في جزِّ العُشبِ في الفناءِ الخلفيِّ. يمكنُني التركيزُ لفترةٍ طويلةٍ على إلهِ الكون، أبي السماويّ. هذا مجرَّدُ مقترحٍ عمليّ، ولكنّهُ عمِلَ فرقاً في حياةِ صلاتي يفوقُ أيَّ شيءٍ حاولْتُ عمَلَهُ. تحّدثوا معَ الله.

 

  1. احفَظوا الصَّلاةَ الرَّبانيّة

المُقترَحُ العَمَليُّ الثاني الذي أريدُ أنْ أقدِّمَهُ لكلِّ واحدٍ منكُمْ هوَ دعوتُكُمْ لحفظِ الصَّلاةِ الربانيّة. ولكِنْ لا تحفظوها بِهدَفِ تكرارِها دونَ تفكير. فهيَ ليسَتْ تعويذةً سِحريّة، ولنْ تُنقذَكُمْ مِنْ مخالفةِ تجاوزِ السُّرعةِ عندما تقودونَ بسرعةٍ مجنونة. ستأتي أوقاتٌ في حياةِ صلاتِنا لا يمكنُنا فيها إيجادُ الكلماتِ المُناسبة. تختفي الكلماتُ عندما يحدُثُ شيءٌ ما، أو حينَ نقَعُ في مِحْنةٍ، أوْ نشعُرُ بالأذى، أوْ نُدرِكُ أنّنا سَقَطْنا في الخطيّة، أوْ أحْوالٍ مِنْ هذا القبيل. وحينَها نريدُ أنْ نتمكَّنَ مِنَ القول، "أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ".

لذلك أودُّ أنْ أشجّعَكُمْ على حفظِها، لا بهدفِ تكرارِها دونَ تفكيرٍ، بلْ لِاسْتخدامِ تلكَ الكَلِماتِ عندما تختفي الكَلِمات. أمّا الشيءُ الآخرُ الذي أودُّ أنْ أشجِّعَ كلَّ واحدٍ منكُمْ على عمَلِهِ، فهوَ أنْ تُصلّوا على مِنوالِ الصَّلاةِ الرّبانيّةِ حالما تحفظونَها. وهذا واحدٌ مِنْ أُموري المُفضلّة. حالما ندركُ تدفّقَ لاهوتِ الصّلاةِ الربانيّة، ونفهَمُ مغزى تلكَ الطّلباتِ الستّة، يصبحُ مِنَ المُمكنِ المُضيُّ قُدُماً، والبدءُ في إعادةِ صياغةِ الصّلاةِ الربانيّة، والبدءُ في وضعِ تفاصيلِ حياتِنا.

يمكنُنا أنْ نعملَ هذا في لحظاتٍ، وسوفَ أكشفُ لكُمْ ما أعنيه. أشجّعُكُمْ على حفْظِها، وعلى تكرارِ كلماتِها عندما تكونونَ في حاجةٍ لذلك، ومِنْ ثمَّ استخدامِ فهمِكُمْ للاهوتِ الصّلاةِ الربانيّة، ووضعِ كلماتِكُمُ الخاصّةِ في هذا السياقِ ممّا يجعلُها صلاتَكُمُ الخاصّة. أريدُ أنْ أختمَ كلماتي بالصّلاةِ الربانيّةِ معاً. أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ. خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ.