Loading...

الحياةُ رحلةٌ - Lesson 3

عندما تعثر

سوف تعثر في مسيرتك الجديدة مع الله على الرغم من أنّ قوة الله تعمل فيك، وتساعدك لتصبح أكثر تشبّهاً بيسوع. ليس المقصود من هذا انتزاع فرحك بإيمانك الجديد، بل إعدادك لفرح النمو الروحيّ الذي ينتظرك. يعرف الله هذا ولن يفاجئه الأمر، فهذا لن يؤثر سلباً على تعهّده معك. ما معنى "الخطيّة"؟ هل التجربة خطيّة؟ كيف ستخبر الله أنّك أخطأت وأنك آسف؟ هل يغفر؟ هل يمكنك أنْ تطهر؟

Bill Mounce
الحياةُ رحلةٌ
Lesson 3
Watching Now
عندما تعثر

Lessons
About
Resources
Transcript
  • ألقِ نظرة على تجربة تحوّلك. من المفضّل دائماً أنْ تلقي نظرة على تجربة تحوّلك. ماذا حدث في رأيك عندما صرتَ واحداً من أتباع يسوع المسيح؟ هل هناك شيءٌ لا تستوضحه؟ هل من الممكن أنْ تكون قد أسأتَ فهم أي شيءٍ؟ هل حدث أي شيءٍ لم تكن على معرفةٍ به؟

  • التغيّر الذي يحدث في حياتك. يعني "التحوّل" أنّكَ تحوّلتَ من وضعٍ إلى وضعٍ آخر. لقد تحوّلتَ من شخصٍ عاديّ إلى تلميذٍ ليسوع. يعني هذا أيضاً أنّ الله يعمل الآن في حياتك، ويبدأ في أنْ يجعلك أكثر تشبّهاً بيسوع. هل هذا يدهشك؟ ما الذي حدث بالفعل عندما صرتَ مؤمناً؟ كيف تبدو هذه الحياة الجديدة لك كواحدٍ من أتباع يسوع؟ هل تتغيّر حياتي تلقائياً؟

  • سوف تعثر في مسيرتك الجديدة مع الله على الرغم من أنّ قوة الله تعمل فيك، وتساعدك لتصبح أكثر تشبّهاً بيسوع. ليس المقصود من هذا انتزاع فرحك بإيمانك الجديد، بل إعدادك لفرح النمو الروحيّ الذي ينتظرك. يعرف الله هذا ولن يفاجئه الأمر، فهذا لن يؤثر سلباً على تعهّده معك. ما معنى "الخطيّة"؟ هل التجربة خطيّة؟ كيف ستخبر الله أنّك أخطأت وأنك آسف؟ هل يغفر؟ هل يمكنك أنْ تطهر؟

  • التواصل عنصرٌ حاسم في أية علاقةٍ، وهو ينطوي على كلٍ من الاستماع والتحدّث. كلّمنا الله بطريقتين أساسيتين، من خلال الخليقة ومن خلال كلمته، أي الكتاب المقدّس. ما معنى مفاهيم "الوحي"، و"السلطان"، و"القانونيّة"؟ هل يمكن أنْ نثق بالكتاب المقدّس؟ كيف أستمع إلى الله فيما أقرأ كلمته؟ هل من المفترض أنْ أفعل أي شيءٍ بعد قراءته؟

  • لا يتطلّب التواصل السليم مجرّد الاستماع بل التحدّث أيضاً. الصلاة ببساطة هي الحديث مع الله، عن أي شيءٍ وكل شيءٍ. الله هو أبونا الجديد، وهو يريد أنْ يسمع صوتك. كيف تصلّي؟ ما الذي تصلّي من أجله؟ ماذا لو كانت لديّ صعوبة في الاستماع إلى صوته؟

  • عندما صرتَ مؤمناً فهمتَ بعض الأمور عن الله. ولكن هل تعلم أنّه يعرف كل شيءٍ؟ وأنه حاضرٌ في كل مكانٍ؟ وأنّه قادرٌ على كل شيءٍ؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه معرفة الله غير المحدودة؟ ما معنى العبادة؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه ما نعرفه عن الله؟

  • يسوع هو أشهر شخصيّة عرفها التاريخ. يفوق تأثيرُه على مجريات تاريخ العالم تأثيرَ أيِّ زعيمٍ آخر أو فلسفةٍ أو حركةٍ سياسيّة. يعرف كثيرٌ من الناس هذا الاسم، ولكن منْ هو؟ ماذا قال عن نفسه؟ ماذا قال أتباعه عنه؟ وما هو مغزى وأهمية هذه الأسئلة وأجوبتنا؟

  • صنع يسوع الكثير من الأشياء عندما كان على الأرض، ولكن أعظم أعماله كان الموت على الصليب. ولكن ماذا حدث بالضبط؟ ما الذي تحقّق؟ ماذا يقصد الكتاب المقدّس عندما يتحدّث عن يسوع كونه "حَمَل الله"؟ هل هناك أي شيءٍ يمكن أنْ يساعدني على فهم أهمية موته. هل أنا بحاجةٍ للتذكير بذلك الموضوع بصفةٍ منتظمة؟

  • يؤمن المسيحيون بالتوحيد، فنحن نؤمن بإلهٍ واحد. نؤمن أيضاً بالثالوث، أي أنّنا نؤمن بثلاثة "أقانيم" للثالوث: الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس. من هو الأقنوم الثالث في الثالوث؟ ما هو عمله في الواقع؟ ما هو دوره المستمرّ في حياتي؟ ما معنى قيادة الروح القدس لي وتمكينه إياي؟ هل ينبغي عليّ عمل أي شيءٍ، أم أنّه يتولّى عمل كل شيءٍ؟ كيف يمكن أنْ يكون حالنا لولا عمل الروح القدس؟

  • عندما صرتَ مؤمناً بدأتَ في السير مع الله. هذه عمليةٌ مستمرة يوماً بيومٍ تفقد فيها الخطيّة سطوتها على حياتك تدريجياًّ وتصير أكثر تشبّهاً بيسوع. ولكن بعض الأيام تكون أصعب من غيرها، وخصوصاً عندما تأتي الأوقات العصيبة. لماذا تحدث هذه "الأشياء السيّئة"؟ هل يمكنني الاحتفاظ ببعض جوانب نفسي بعيداً عن الله إذا كان ذلك يساعدني على تجنّب الألم؟ هل هناك أيّة عواقب للسماح للخطيّة بالدخول في بعض جوانب حياتي؟ ما معنى أنْ يكون يسوع هو "المخلّص" و"الربّ"؟

  • عندما نصير أولاداً لله ، نصبح أفراد عائلة جديدة لها أبٌ جديد وأخوات وإخوة جدد ووطنٌ جديد. كيف أتواصل مع هؤلاء الناس؟ هل أنا بحاجةٍ لقضاء بعض الوقت معهم؟ هل هذه مهمةٌ سهلة أم صعبة؟ كيف يمكن أنْ تساعدني الكنيسة الأولى على فهم هذه الموضوعات؟ كيف تبيّن محبتي لله نفسها للآخرين؟

  • ينبغي على التلاميذ تلمذة المزيد من التلاميذ. هذه واحدةٌ من أسعد التجارب في حياتك فيما تشارك الآخرين كيف أحياك الله، وسوف يفعل الشيء نفسه لأصدقائك، وجيرانك، وغيرهم. ليست هذه عمليّة مخيفة، ولكنها طبيعيّة في الواقع للأشخاص الذين تغيّروا ويعيشون حياة متغيّرة. كيف سيستجيب الناس لك؟ ما هي "الشهادة الشخصيّة"؟ كيف أخبر الناس أنّ بإمكانهم أيضاً أنْ يكونوا تلاميذاً ليسوع؟ ماذا لو لم أعجبهم؟

Arabic

مدة منهجنا 12 أسبوعاً، وهو يوجّه الطلّاب في الاتجاه الصحيح، ويشجّع المؤمنين الناضجين على إرشادهم. ومن المعتاد أن يتفاعل الطالب مع المقطع الكتابيّ خلال الأسبوع، ونشجّعه لكي يبدأ في كتابة تأملاته، والصلاة، وحفظ النصوص الكتابية عن ظهر قلب. ثم يستمع الطالب والمرشد كلاهما إلى حديث مدّته ثلاثون دقيقة وتوجد معه ملاحظات دراسية، وبعدها يعملان على الإجابة عن الأسئلة التأملية ويبقى لديهما يومان للتأمل بما تعلّماه.

ويتم النسخ ويمكن تحميلها (انظر إلى اليمين) . ونحن نعمل على المصنف والصوت.

الدَّرْسُ الثالِثُ ■ عندما تعْثُر

العيشُ في حياةٍ مُتغيِّرة

تغيَّرْنا عندما صِرْنا مسيحيّين. فقدْ مُتْنا معَ المسيحِ عنْ تلكَ الحياةِ العتيقة، وأقامَنا معَهُ في حياةٍ جديدةٍ مِنَ التّلمذةِ، نُخضِعُ فيها إرادتَنا لمشيئةِ اللهِ الكاملةِ المُقدَّسة. بدأتْ حياتُنا في إظهارِ ثمرِ الرّوح، وبدأنْا نتمتّعُ بمحبّةِ اللهِ التي لمْ تكنْ لدينا مِنْ قبل. بدأْنا نتمتّعُ بفرحِ اللهِ، وسلامِهِ، وطولِ أناتِهِ، وإرشادِهِ، وخيْرِهِ، وأمانتِهِ، ولُطفِهِ، ووداعَتِهِ. وهذا معناهُ أنّ حياتَنا تغيّرَتْ، إلّا أنّ هذهِ الحياةَ الجديدةَ للتّلمذةِ المُثمرةِ ليسَتْ تلقائيةً، أليسَ كذلك؟

يعملُ اللهُ فينا، فهوَ يُعطينا رغباتِهِ ومِنْ ثمَّ يُعطينا القدرةَ على تحويلِ تلكَ الرغباتِ إلى واقعٍ في حياتِنا. إلّا أنّ اللهَ لنْ يفرضَ علينا رغباتِهِ، أليسَ كذلك؟ لنْ يجعلَنا نُحبُّ، ولنْ يجعلَنا فَرِحين، ولنْ يجعلَنا نشعرُ بالسّلام. ولكنْ علينا أنْ نأخذَ الخُطوةَ التالية. علينا أنْ نتّفقَ معَ اللهِ على أننا نريدُ محبَّتَهُ، وفرحَهُ، وسلامَهُ، وطولَ أناتِهِ. ينبغي أنْ نأخذَ الخُطوةَ التالية، ونطيعَ اللهَ مِنْ خلالِ قوّةِ روحِهِ. فاللهُ يُعطينا الرغبةَ كما أنه يعطينا القُدرة، ولكنْ علينا أنْ نأخذَ الخُطوة. يقولُ الكتابُ المقدّسُ على سبيلِ المثال، "وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ"، هذهِ خطوةٌ. ثمّ يقولُ، "تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ"، وهذهِ أيضاً خطوةٌ.

ولكنْ، لديّ خبرٌ سيّئٌ، رغمَ هذا الفرحِ كلِّهِ في حياتِنا الروحيّةِ الجديدة. والخبرُ السيِّئُ هوَ أنّنا نفشلُ في بعضِ الأحيانِ في اتّخاذِ الخُطوةِ التالية. وهكذا نتصرّفُ وكأننا لم نتغيّرْ في تحوُّلِنا؛ فبدلاً منَ المحبّةِ يسودُ الغضبُ، وقد يتحوّلُ إلى الكراهيّة. وربّما يحِلُّ روحُ الانتقادِ والمرارةِ عوضاً عَنِ الفرح. وبدلاً منَ السّلامِ قدْ يوجدُ القلقُ والاضطراب. احتجْتُ إلى وقتٍ طويلٍ لتحديدِ مكانِ طرحِ هذا الموضوع، لأنّني أعرفُ أنكم جميعاً فَرِحون. عندما يصبحُ المرءُ ابناً للهِ يملأهُ فرحٌ غامِر، فنحنُ نعلمُ أننا لنْ نقضيَ الأبديةَ في الجحيم، بل سنمضي إلى السماء، وندركُ أنّ لنا أباً جديداً وعائلةً جديدة. ولكنْ عليْنا أنْ نعرِفَ أنّ التحدّياتِ قادِمَة. وربّما تكونُ هذهِ التحدّياتُ قد بدأَتْ بالفعل. وبالتالي علينا أنْ نطرحَ هذينِ السؤالين: "ماذا ستفعلُ إذا لمْ تتخّذْ تلكَ الخُطوةَ التاليةَ للطاعة؟" و"ماذا ستفعلُ عندما تعثرُ وتسقطُ في المسيرةِ المسيحيّة؟"

ب. تعريفُ ثلاثةِ مفاهيم

قبلَ الإجابةِ عنْ هذينِ السؤالين، أودّ أنْ أعرّفَ ثلاثةَ مفاهيمَ سوفَ أستخدمُها عبرَ الفقراتِ المتبقّيةِ منْ هذا الكتاب، وهي: النسبيّة، والخطيّة، والتَّجْرِبَة.

  1. النسبيّة

الكلمةُ الأولى ليسَتْ كتابيّة، ولنْ نجدَها في فهرسِ الكتابِ المقدّس، لكنّها تصفُ العالمَ الذي نعيشُ فيه، وتصفُ الثقافةَ التي خرجْنا مِنْها عندما أصبحْنا أولاداً لله. هذهِ الكلمةُ هيَ "النسبيّة". النسبيّةُ هيَ إنكارُ وجودِ الحقِّ المُطلَق، وهيَ الفلسفةُ القائِلةُ بأنّه لا يوجدُ شيءٌ صوابٌ بالضرورةِ أو خطأٌ بالضرورة، وبأنّ الحقَّ نسبيّ. تقولُ النسبيّةُ، "ما هوَ صحيحٌ من وُجهةِ نَظري قدْ لا يكونُ صحيحاً من وُجهةِ نظرِكَ، وما هوَ صحيحٌ من وُجهةِ نظري في هذا الصباحِ قد لا يكونُ صحيحاً من وُجهةِ نظرِكَ في هذهِ الظهيرة". يُطلِقُ العالمُ على هذهِ الكلمةِ مفهومَ "تفكيرِ ما بعدَ الحداثَةِ " أوْ "ما بعدَ الحداثَة". أمّا الكتابُ المقدّسُ فيُطلِقُ عليها مفهوماً مختلفاً وهوَ "عصيانُ" سلطانِ الله. نحنُ، أولادَ اللهِ، نؤمنُ بأنّ أبانا هوَ الخالق. وبما أنّه الخالق، فنحنُ نؤمنُ بأنّه يملكُ الحقَّ والحكمةَ لتحديدِ ما هوَ حقّ. هناك حقٌّ مُطلَق، وهوَ الحقُّ في نظرِ اللهِ أبينا وخالقِنا. في الواقع، نحن نؤمنُ بأنّ اللهَ نفسَهُ هو الحقّ. اللهُ هوَ الخالقُ الكُلّيُّ الحكمةِ الذي يحدّدُ ما هوَ حقٌّ.

نؤمنُ أيضاً بأنَّ اللهَ صالحٌ في جميعِ الأوقات، وبالتالي، فإنّ هذا الخالقَ الكُلّيَّ الحكمةِ والكُلّيَّ الصّلاحِ يريدُ الأفضلَ لخلقِهِ. يقدّمُ لنا هذا الخالقُ الكُلّيُّ الحكمةِ والكُلّيُّ الصّلاحِ قواعدَ ومبادئَ توجيهية. وقد منحَنا هذا الكتابَ، أي الكتابَ المقدّس، وأخبَرَنا فيه ما هو صوابٌ وخطأ، وما هوَ حقٌّ وباطِل. أخبرَنا اللهُ بما هو أفضلُ لكَ ولي. نختلفُ مع أحكامِهِ في بعضِ الأحيان، ولكنَّ الحقَّ ليسَ نسبياً، فالحقُّ هوَ ما حدّدَهُ الله. ولهذا فإنّ ما يقولُهُ الكتابُ المقدّسُ هو الأفضلُ لنا.

ترِدُ في سفرِ المزاميرِ مقاطعُ عن هذا الموضوع. يفهمُ المرنّمُ ذلك، ويقول في مزمور 11:16 متحدّثاً إلى الله، "تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ". لاحِظْ أنّ المرنّمَ لا يكتبُ، "أعطَيْتَني مجموعةً من القواعدِ ينبغي أنْ أتّبِعَها. وأنا إنسانٌ بائسٌ في محضرِكَ بسببِ جميعِ هذهِ الأشياءِ التي لا أستطيعُ أنْ أعمَلَها فيما بَعد. وهذا أمرٌ مؤسفٌ". هذه هي الطريقةُ السخيفةُ والغريبةُ التي ينظُر بها الناسُ إلى المسيحيّين، وينظرُ بها بعضُ المسيحيّينَ إلى أنفسِهم. يدركُ المرنّمُ أنّ اللهَ قد عرّفَنا الحقّ-أي سبيلَ الحياة. ولا يوجد الفرحُ الحقيقيّ إلّا في محضرِه، ولن نجدَ شبَعاً منَ السرورِ إلّا في يمينِه.

نحنُ لسْنا نِسبيّين، بل نؤمنُ بوجودِ الحقِّ المُطلَقِ الأخلاقيِّ الروحيّ. ونؤمنُ أنّ الحقَّ لا يحدّدُهُ العالمُ بل خالقُنا الكُلّيُّ الحكمةِ والكُلّيُّ الصلاحِ، وهو يريدُ الأفضلَ لخلقِه. هذه هي نقطةُ الانطلاقِ، وهي تتعارضُ تعارُضاً صارخاً مع كلِّ ما تعلّمْناهُ في هذا العالمِ الدنيويّ. نحنُ لسْنا نِسبيّين.

  1. الخطيّة

الكلمةُ الثانيةُ التي أريدُ تعريفَها هي كلمةُ "الخطيّة". الخطيّة كلمةٌ نعرفُها جيّداً، ولكنِ اسمحوا لي بالتأكّدِ من وجودِ تعريفٍ صحيحٍ لها فيما بينَنا. تعني الخطيّةُ في المقامِ الأوّلِ إخطاءَ الهدف. تخيّلْ راميَ سِهامٍ يسحبُ قوسَهُ للوراءِ ويصوّبُ السّهم. إنّه يُصوّبُ سهمَهُ تجاهَ قلبِ الهدَف. يُطيّرُ السّهمَ لكنَّ السّهمَ يفوتُه الهدَفُ. وهذا المستوى الأساسيّ، في المقامِ الأوّل، هو معنى الخطيّة؛ فالخطيّةُ هيَ إخطاءُ الهدف.

مَنْ يضعُ الهدَفَ؟ ومَنْ يحدّدُ قلبَ الهدَفِ؟ ومن يقرّرُ غايةَ حياتِنا؟ إنّه الله. يقولُ خالقُنا الكُلّيُّ الحكمةِ والكُلّيّ الصّلاحِ، "هذا هو قلبُ الهدَف". نسحبُ سَهْمَ حياتِنا ونصوّبُهُ، وعندما لا يصيبُ السّهمُ قلبَ الهدَفِ بل يحيدُ عنه، تكونُ هذهِ هيَ الخطيّة. على سبيلِ المثال، ما هو هدَفُ الله؟ ما هو قلبُ الهدَفِ في سياقِ وُجهةِ نَظَرِ الله عن لسانِنا؟ أينَ هو قلبُ الهدفِ المتعلّقُ بلسانِنا الذي يسبّبُ لنا الكثيرَ من المتاعِب؟ يقولُ لنا الله في رسالةِ أفسس 29:4، "لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحاً لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ". وتقولُ رسالةُ أفسس 4:5، "وَلاَ الْقَبَاحَةُ، وَلاَ كَلاَمُ السَّفَاهَةِ وَالْهَزْلُ الَّتِي لاَ تَلِيقُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ الشُّكْرُ". أظهرَ اللهُ لنا قلبَ الهدَفِ. فهو يقولُ، "من جهةِ لسانِكُم، يَنبَغي أنْ يفيضَ بالنّعمةِ والشّكر، وينشغلَ ببُنْيانِ بعضِكم بعضاً بحيثُ لا يوجدُ مجالٌ أو وقتٌ لانتقادِ الآخرِ".

نحنُ نعرفُ قلبَ الهدَفِ، ولكنْ ما الذي يحدثُ في حياتِنا؟ على الرّغم من حقيقةِ أنّنا نؤمنُ حقّاً أنّ اللهَ كُلّيُّ الحكمةِ وكُلّيُّ الصّلاحِ، إلا أنّه تأتي علينا أوقاتٌ نقولُ فيها، "لا، يا الله، فأنا أعرفُ أفضلَ منك"، أو "إنّ طُرُقَكَ ليستْ هيَ الأفضلَ دائماً"، أو "أنتَ لستَ حكيماً دائماً"، أو "ليسَ هذا وقتَ البُنْيانِ أو التّهذيبِ أو مدِّ فترةِ العَفْو". وهكذا، فإنّنا نذُّمُّ الآخرين، ونفتري عليهِمْ، ونؤذيهُمْ، وندمّرُ سُمعتَهُمْ. نزرعُ بذورَ الشّكِّ والسَّخطِ. أظهرَ لنا اللهُ الهدَفَ وحدّدَهُ. الخطيّةُ معناها إخطاءُ الهدَفِ، أي الفَشَل. الخطيّةُ باختصارٍ هي إخطاءُ الهدَف، أيْ التّعثّرُ في مسيرتِنا. هذا هوَ معنَى الخطيّة.

 

  1. التَّجْرِبَة

الكلمةُ الثالثةُ التي أريدُ تعريفَها هيَ كلمةُ "التَّجْرِبَة". تعني كلمةُ "التَّجْرِبَةِ" ببساطةٍ إغواءَ الخطيّة. تحدُثُ التَّجْرِبَةُ عندما يؤذينا شخصٌ ما، فتَموجُ في رؤوسِنا أفكارٌ للردِّ عليهِ في حالةِ غضبٍ. وتحدُثُ التَّجْرِبَةُ عندما يمرُّ بنا شخصٌ ما، رجلٌ كانَ أمِ امرأةً، فتخطرُ في بالِنا فكرةٌ بأنْ نتفحّصَهُ مِنْ رأسِهِ إلى أخمِصِ قدمَيْه. هذا هو إغواءُ الخطيّة. اسمحوا لي أنْ أُطلعَكُمْ على ثلاثةِ أمورٍ مِنَ الكتابِ المقدّسِ عنِ التَّجْرِبَة:

 

  • التَّجْرِبَةُ ليسَتْ خطيّةً

 

التَّجْرِبَةُ ليسَتْ خطيّةً. تتطايرُ الأفكارُ في رؤوسِنا ونقول، "مِنْ أينَ جاءَتْ؟" هذهِ تجربةٌ وليسَتْ خطيّة. ولكنَّ التَّجْرِبَةَ تصبحُ خطيّةً عندما نستسلمُ لها، أليسَ كذلك؟ تصبحُ التَّجْرِبَةُ خطيّةً عندما نستسلمُ لها، ونردُّ في غضبٍ أو ذمٍّ أو افتراءٍ. تصبحُ التَّجْرِبَةُ خطيّةً عندما نسمحُ لأعيننا بأنْ تسرحَ في امرأةٍ، ونسمحَ لعقولِنا بأنْ تُعرّيَها. تصبحُ التَّجْرِبَةُ خطيّةً عندما نقعُ في نزوةٍ مع شخصٍ ما. يمكنُ أنْ تصبحَ التَّجْرِبَةُ خطيّةً عندما نستسلمُ لها، ولكنَّ التَّجْرِبَةَ في حدِّ ذاتِها ليسَتْ خطيّة.

 

  • لا تسْتَسْلِموا للتَّجربة

 

أتذكّرُ ممثِلّاً كوميديّاً شهيراً جدّاً منذُ سنواتٍ مضَتْ، وعندما أذكُرُ اسمَهُ سوفَ أكشِفُ عنْ عُمْري! إنه فيليب ويلسون، وقد حظِيَ بِضِحكاتِ كثيرين كُلَّما نطقَ عبارةً واحدة. هل تتذكّرونَ عبارتَهُ، "الشيطانُ أغواني لفِعْلِ ذلك"؟ جنى فيليب ويلسون أموالاً طائلِةَ، وحَظِيَ بالكثيرِ مِنَ الضحكاتِ بقولِهِ هذهِ العبارة، ولكنَّ فكرتَهُ اللاهوتيَّةَ كانَتْ خاطئِةً تماماً. فالشيطانُ لا يمكنُ أنْ يجعلَ أحداً يفعلُ أيَّ شيءٍ. الخطيّةُ لا يمكنُها أنْ تجعلَنا نُخطِئ.

ليتكُمْ تُدركونَ أنّ سَطوةَ الخطيّةِ انكسرَتْ تماماً في حياتِنا على الصليبِ وعندَ تحوُّلِنا. فنحنُ لمْ نعُدْ مُجبَرينَ على أنْ نُخطِئ. ما زالتِ الخطيّةُ حاضِرةً، ولكنَّ سطوتَها وسُلطتَها وسيطرتَها انكسَرَتْ، وليسَ علينا الاستسلامُ  للتّجربة. يفيضُ الكتابُ المقدّسُ بالوعودِ المتعلِّقةِ بهذهِ المسألة. قال يسوعُ لتلاميذِهِ في إنجيلِ يوحنّا 33:16، "... فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ". لقد غلبَ يسوعُ العالمَ، وحطّمَ السّلطةَ المُطلَقةَ للخطيّة. ورسالةُ يوحنّا الأولى 4:4 تقولُ عنَ اللهِ، "الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ".

إنّ اللهَ العاملَ فينا، مِنْ خلالِ الرّوحِ القُدس، أعظمُ منَ الشيطانِ ومِنْ أيِّ شيءٍ آخرَ في هذا العالم. فمنْ هو داخلَنا غلبَ منْ هوَ خارجَنا. والشيطانُ ببساطةٍ لا يمكنُهُ أنْ يجعلَنا نخطئ، لكنّنا نخطئُ لأنّنا نريدُ ذلك. وأنا أخطئُ لأنّني أستسلمُ  للتّجربة، ولكنّني لسْتُ البتّةَ مخلوقاً لكيْ أخطئ، ولا أنت. وبالمِثل، فإنّ أهمَّ وعدٍ يرِدُ في رسالةِ بولسَ إلى الكنيسةِ في كورنثوس. يقولُ لهمْ بولسُ في كورنثوس الأولى 13:10، "لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ..." إليكَ ما سيحدُثُ إذا كنّا مثلَ أيِّ شخصٍ آخر: سوف تداهِمُنا التَّجْرِبَةُ ونشعرُ بأننا وحيدونَ تماماً، وسوف نشعرُ أنّه لم يُجرَّبْ أحدٌ هكذا من قَبلُ، وأنّه لمْ يمرَّ أحدٌ بمثلِ تجربتِنا هذه. سوفَ نشعرُ أنّه لا يوجدُ أحدٌ قدِ اختبرَ تجربةً مثلَ هذهِ في صعوبةِ مقاومَتِها. ربّما يفكّرُ كلٌّ منّا، "إنّني أعيشُ وحيداً" (بالمناسبة، إذا سمعْتَ ذلك الصوتَ فهذا هوَ الشيطان). أما وعدُ اللهِ فهوَ "... لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ". نحنُ لسْنا وحدَنا. وبغضِّ النّظرِ عن مدى صعوبةِ الموقف، فنحنُ لسْنا وحدَنا. إذا جُرّبْنا بطريقةٍ ما، فإنّ الآخرينَ يُجرَّبون أيضاً؛ نحنُ لسْنا وحدَنا.

ثم يستطردُ بولسُ قائلاً، "وَلَكِنَّ اللهَ أَمِينٌ الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ"، أي فوقَ قدرتِكُمْ على مقاوَمةِ التَّجْرِبَة، "بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَة أَيْضاً الْمَنْفَذَ لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا". لاحظوا أنّ بولسَ لا يشيرُ لفكرةِ القوّةِ الدّاخليةِ التي تقول، "عندما تُجرَّبُ، قاومِ التَّجْرِبَة، واصبِرْ حتّى تغلبَها"، لا يتبنّى بولسُ هذهِ الفكرة. لكنَّهُ يتبنّى الفكرَ اللاهوتيَّ السليم، مشيراً إلى طبيعةِ اللهِ في المقامِ الأول. يقولُ بولسُ إنَّ اللهَ أمينٌ. أعطانا اللهُ وُعوداً خاصّةً، وإلهُنا صاحبُ السُّلطانِ هوَ المُتحكّمُ في ظروفِ حياتِنا حتّى إنه وعدَ بألّا تصيبَنا تجربةٌ فوقَ ما نستطيع. لنْ نُصابَ بأيّةِ تجربةٍ إلّا ومَعَها المنفذُ لمقاومتِها، وذلك من خلالِ قوّةِ الله. في الواقع، يقولُ إلهُنا الكُلّيُّ الحكمةِ، والكُلّيُّ الصلاحِ، والكُلّيُّ المحبّةِ، وصاحبُ السُّلطانِ إنّه في خضمِّ التَّجْرِبَةِ سيكونُ لنا منفذٌ يجعلُنا لا نستسلمُ لها.

لنْ يبقيَنا اللهُ بعيداً عنِ التَّجْرِبَة، لكنَّهُ سيكونُ معنا في وسطِ التَّجْرِبَة. وبينما نتعلّمُ عدمَ الاستسلامِ منْ خلالِ قوّةِ روحِهِ، ننمو في مسيرَتِنا المسيحيّة. لسْنا مُجبَرين أبداً على أنْ نُخطِئ، لكنّنا نخطئُ لأنّنا نريدُ أنْ نخطئَ، ونحبُّ أنْ نخطئ، وهذا ما يحدثُ معي عادةً. لسْنا مُجبَرين على أنْ نُخطِئ ، ولسْنا مُجبَرين على الاستسلامِ للتّجربة. لطالما ضَحِكْتُ عندَ مشاهدةِ فيليب ويلسون، لكنّهُ ببساطةٍ لم يكنْ على حقٍّ.

ج. اللهُ معك

لَيْتَكُمْ تُدْرِكُونَ أَنَّ اللهَ مَعَنَا. فشعورُ الفرحِ والابتهاجِ اللذينِ يغمرانِنا كمسيحيّينَ جُدَدَ هوَ شعورٌ حقيقيّ، كما أنّ مسيرتَنا كمسيحيّينَ تميّزُها النّصرة. ويعودُ السببُ الرئيسيُّ في ذلك إلى أنّ اللهَ معنا وليسَ علينا. يريدُ اللهُ منّا أنْ ننتصرَ على التَّجْرِبَة لا أنْ نستسلمَ لها.

أرادَ مُدرّبي في كرةِ السلّةِ ذاتَ مرةٍ أنْ يكرّرَ لي عبارةً معينةً لأنه أرادَ لي الفشل. لم يدرّبْني مدرّبُ كرةِ سلّةٍ مثلُهُ من قبلُ في الرَّمياتِ الحُرّة. كانتِ العلاقةُ غريبةً ومتوتِّرةً وثلاثيةً بيني وبينَ الرَّمياتِ الحُرّة وبينَ المدرّب. هل تعرفُ ما كنتُ أسمعُهُ كلّما نهضْتُ لتصويبِ رميةٍ حرّة؟ كانَ يقولُ، "ضيّعِ الرَّمية!" أو "أراهنُكُ على خمسةِ دولاراتٍ أنك ستخسرُ الرَّمية!" كان هذا مدرّبي! كنتُ أسمعُ المدرّبَ وبقيةَ أعضاءِ الفريقِ يقولون، "نراهنُكَ على أنك ستخسرُ الرَّمية!" اعتادَ على مراهتني بكلِّ شيءٍ مؤكّداً لي خسارتي. لم يكنْ مدّرباً بارعاً. ولهذا ضيّعتُ الكثيرَ من الرَّميات الحرّة، وتلكَ قصّةٌ أخرى. يختلفُ اللهُ عن مُدرّبي في كرةِ السلّة.

لا يريدُنا اللهُ أنْ نفشل. يريدُ لنا النجاحَ وعدمَ الاستسلامِ  للتّجربة. يريدُ منّا، في الواقع، ألّا نستسلمَ لأنّه بذلَ نفسَهُ عنّا، وروحُهُ يحيا فينا. يتوقُ اللهُ ليرانا منتصرينَ في المعركة. سوفَ يمنحُنا الرغبةَ للنُّصرةِ في المعركة، ومِنْ ثمَّ القدرةَ على النُّصرةِ في المعركة. يقولُ بولسُ لكنيسةِ الغلاطيّين، "اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ". استمعوا إلى الرّوحِ القدس؛ أنصِتوا إلى ما يقولُهُ، أصغوا إلى توجيهِهِ، ثمَّ دعوا قوّتَهُ تساعدُنا على عدمِ الاستسلامِ  للتّجربة. اللهُ معكَ ومعي، وهو ليسَ ضدَّنا بلْ معنا. التَّجْرِبَةُ هي الإغواءُ للخطيّة، وليسَتْ خطيّةً في حدِّ ذاتِها، ولسْنا مُجبَرين على الاستسلامِ لها. ليتكمْ تدركونَ أنّ قوّةَ المسيحِ المُقامِ تسكنُ في داخلِنا لتساعدَنا على عدمِ الاستسلامِ للتّجربة.

ج. ما هوَ دورُكم؟

  1. اعترِفوا

بعدَ مناقشةِ تلك الكلماتِ الثلاث، دعونا نعودُ إلى الموضوعِ الأصليّ: "ماذا سنفعلُ عندما نعثرُ ونُخْطئ؟" ماذا سنفعلُ عندما نخطئُ الهدف؟ لا أستطيعُ أنْ أؤكّدَ على هذا الأمرِ بما يكفي، لأنّ هذهِ واحدةٌ من اللحظاتِ الحاسمةِ في مسيرتِنا الرّوحية. وإذا لمْ نستوعبِ الدَّرسَ جيّداً، وإذا لم نتعلّمْ ما دعانا اللهُ لنفعلَهُ في وسطِ الخطيّة، فإنني أضمنُ لكمْ أننا سوفُ نصيرُ بائسينَ تعساءَ بقيّةَ حياتِنا. 

الموقفُ الأكثرُ بؤساً في العالمِ هو أنْ تكونَ أقدامُكمْ في عالمَيْن، وأن تكونوا معلَّقينَ في العالمِ وفي الخطيّة. منَ المؤسفِ أنْ تجدَ ابناً للهِ يملكُ القوّةَ التي أقامَتِ المسيحَ منْ بين الأموات، وهيَ القوّةُ نفسُها التي تعملُ فينا، وتراهُ معلَّقاً في الخطيّةِ في الوقتِ نفسِه؛ هذهِ لحظةٌ حاسمةٌ في حياتِنا  الرّوحية. ماذا سنفعلُ عندما نعثرُ ونسقط؟ يجيبُ الكتابُ المقدّسُ بكلِّ وضوحٍ: اعترفوا. المسألةُ في منتهى البساطةِ، فلنعترفْ بخطايانا.

الاعترافُ  بكلِّ بساطةٍ هو الاتفاقُ معَ اللهِ بأَنّنا أخطأْنا الهدف؛ هذا هوَ كلُّ شيءٍ. يقولُ كلٌّ منّا، "يا الله، أنتَ المُحِقُّ مئة بالمئة، وأنا المخطئُ مئة بالمئة. أعلمُ أنّ قلبَ الهدفِ هو أنْ يفيضَ لساني بالنّعمةِ والتفاهمِ والمحبّةِ حتى لا يبقى مجالٌ للانتقاد. ولكنني أخطأتُ، ويؤسفُني ذلك". الاعترافُ معناهُ ببساطةٍ التصريحُ بأنكَ أخطأتَ الهدف، وبأنّ اللهَ على حقٍّ وأنتَ على خطأ.

يرِدُ واحدٌ من أشهرِ المقاطعِ في رسالة يوحنّا الأولى 8:1، عندما يقولُ يوحنّا للمؤمنين، "إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا". إنْ ظنَّ أيُّ شخصٍ بأنّه خالٍ من الخطيّة، فهو مخدوعٌ. وهذا هو معنى الخطيّة. أليس كذلك؟ ومع ذلك، "إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ". يشيرُ يوحنّا من جديدٍ إلى طبيعةِ اللهِ قائلاً إنّ اللهَ أمينٌ وعادل. فاللهُ ملتزمٌ بغفرانِ خطايانا إذا اعترفْنا وحسب.

 

  1. المزمور 51

إذا كان الاعترافُ بالخطيّةِ أمراً جديداً بالنسبة لكم (وقد يكون جديداً بالنسبةِ للبعض)، فإنّني أشجّعُكمْ على المُضيِّ إلى قلبِ الكتابِ المقدّس، أي إلى سفرِ المزامير، ومطالعةِ المزمور الحادي والخمسين. ربّما يكون المزمور الحادي والخمسون أفضلَ نموذجٍ عن الاعترافِ في الكتابِ المقدّسِ بأكملِه. اسمحوا لي بقراءةِ بعضِ آياتِ المزمور 51، وسوف تستشعرونَ المعنى الحقيقيّ للاعترافِ الكتابيّ: "اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ" (مزمور 1:51). لاحظْ أنّ داودَ كاتبَ المزمورِ يعلمُ أنه لا يستحقُّ الغفرانَ ولذلك يلتمسُ رحمةَ الله. "اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي" (مزمور 2:51). يدركُ داود أنّ الغفرانَ في يدِ الله.

"لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِماً. إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ" (مزمور 3:51-4). على الرّغمِ من أننا نخطئُ بحقِّ الناس، إلا أنّ الخطيّةَ بجملتِها موجَّهةٌ في نهايةِ المطافِ إلى قلبِ الله، وداود يعرفُ ذلك. تقول الآيةُ السابعة، "طَهِّرْنِي بِالزُوّفَا فَأَطْهُرَ. اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ". يعرفُ داود أنّ الغفرانَ متاحٌ تماماً. تقول الآياتُ 10-12، "قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اللهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي. لاَ تَطْرَحْنِي مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ وَرُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي. رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ وَبِرُوحٍ مُنْتَدِبَةٍ اعْضُدْنِي". يا لها من كلماتٍ جميلة! أودُّ أنْ أشجّعَ كلَّ واحدٍ منكمْ شعرَ برغبةٍ في الاعتراف، ولم تُسْعِفْهُ الكلمات، على أنْ يبحثَ عن الكتابِ المقدّس، ويجثوَ على ركبتيْهِ، ويفتحَ الكتابَ المقدّسَ إلى مُنتصفِهِ. اقرأوا المزمور 51 وليقلْ كلٌّ منكم، "يا الله، ليكنْ قلبي كذلكَ، ولْتكنْ هذهِ كلماتي لك".

سوفَ نبدأُ في رؤيةِ مبادئِ الاعترافِ عندما نقرأُ المزمور. ونرى أنّ داود لا يقدّمُ أيَّ أعذارٍ. لا توجدُ أعذارٌ على الإطلاقِ في المزمور 51. ولا ترِدُ فكرةُ كونِهِ ضحيّةً، ولكنَّ المزمورَ اعترافٌ كاملٌ شاملٌ عنِ الخطيّةِ، ولسانُ حالِهِ، "أنتَ على حقٍّ، يا الله، أنت على حقٍّ تماماً، وأنا مخطئٌ تماماً". يتّفقُ داود معَ اللهِ على أنّ الخطيّةَ كريهةٌ حقاً. لا ترِدُ في المزمور 51 أيَّةُ رغبةٍ للتقليلِ منَ الخطيّةِ أو للقول، "أنتَ تعلمُ، أقصدُ أنني ارتكبتُ أخطاءً أكبر، ولكنَّها ليسَتْ سيّئةً للغاية". لا يرِدُ مثلُ هذا الكلامِ في المزمور 51. يوافِقُ داود على أنّ الخطيّةَ مروّعة؛ فالخطيّةُ شيءٌ حقير. ثم يدعو داود اللهَ كيْ يغفرَ له، ليسَ لأنّه يستحقُّ الغفران، لكنَّهُ يدعو إلهَ الرَّحمةِ والنِّعمةِ قائلاً، "أطلبُ منكَ الغفرانَ لأنّكَ أنتَ الله". يعلمُ داود أنه سينالُ الغفران. المزمورُ 51 هوَ نموذجٌ رائعٌ عن الاعترافِ الحقيقيِّ في الكتابِ المقدّس، وعلينا أنْ نرسّخَ عليه فهمَنا للاعتراف، ونعرفَ ما إذا كان مفهومُنا عن الاعترافِ كتابيّاً أمْ لا.

 

  1. المَيْلُ لفعلِ العَكس

أودُّ أنْ أقولَ لكمْ إننا على الأرجحِ نميلُ لفعلِ العكسِ تماماً عنْ مبادئِ المزمور 51، ولكنَّ هذا قد لا يحدثُ في الحال. يؤسفُني منْ جديدٍ نقلُ الاخبارِ السيّئة، ولكنَّ الخطيّةَ مستمرّةٌ منذُ عدّةِ قرونٍ، ولا تتغيّرُ كثيراً لأنّها متسلِّطة. وهذا أعلمُهُ بسببِ حياتي وحياةِ الناسِ الذين أعرِفُهُم، أنّ ميْلَنا البشريَّ (والمعروفَ باسمِ ميْلِنا الخاطئ) هو أنْ نفعلَ العكسَ تماماً عمّا فعلَهُ داود في المزمور 51. ما زالتِ الخطيّةُ حاضرةً في حياتِنا، أليسَ كذلك؟ فرغمَ انكسارِ سطوتِها، إلا أنها ما زالتْ موجودةً تلدغُ وتلسعُ وتقضِمُ أعقابَنا لأنّ الخطيّةَ تُدرِكُ قُوّةَ الاعتراف.

تعرفُ الخطيّةُ ما يحرّكُهُ الاعترافُ في قلبِ اللهِ الرّحيم، ولهذا تهمِسُ في آذانِنا بعباراتٍ مثل، "لا تعترفْ بل قدّمِ الأعذار"، أو "لا تُحمِّلْ نفسَكَ كلَّ اللّومِ على ما فعلْت"، أو "يمكنُكَ بالتأكيدِ أنْ تجِدَ شخصاً ما تُلقي عليهِ اللّوم"، أو "ليسَ هذا خطأَكَ وحدَكَ بالطّبع". تهمِسُ الخطيّةُ في آذانِنا، وسببُ تسلّطِها هو أنها تأتي من الدّاخل، ولذلكَ نسمعُ همسَ الخطيّةِ حقّاً. تهمِسُ الخطيّةُ قائلةً، "لا تعترفْ اعترافاً كاملاً بلِ اعترفْ بما يكفي لكيْ تتجنّبَ معظمَ العواقب". من أمثلةِ الاعترافاتِ السَّطحيةِ والبغيضة، "يا الله، إليكَ أخطأتُ"، أو "أنا بائسٌ في خطيّتي"، أو "لا أستطيعُ أنْ أؤمنَ أنك ستغفرُ لي، ولكني أعتقدُ أنك ستغفرُ لي"، أو"أنا آسفٌ للغاية". كمْ مرةٍ نطقَتْ شفاهُنا بمثلِ هذه الاعترافات؟ في كثيرٍ من الأحيان، يكون الاعترافُ مجرّدَ محاولةٍ لتجنّبِ عواقبِ خطايانا، وبالطبع، لا يُعَدُّ هذا الاعترافُ صادقاً. فهذا الاعترافُ لا يؤدّي إلى الغفرانِ الكاملِ أو التّطهير. وليسَ ما يؤولُ إلى التطهيرِ الكاملِ إلّا الاعترافُ على شاكلةِ المزمور 51.

د. اقتراحاتٌ عمليّة

اسمحوا لي بتقديمِ اقتراحينِ عمليّينِ بشأنِ الاعترافِ بالخطيّة:

  1. أكمِلوا المَهمّة

إني أميلُ، مثلما يميلُ معظمُ الناسُ حسبما أظنُّ، إلى التأمّلِ في هذهِ المسألةِ طويلاً، أي التفكيرِ فيما إذا كانتْ بهذا السّوءِ حقاً. ولكنْ أكمِلوا المَهمّة. اعترفوا باكراً. اعترفوا كثيراً. اعترفوا اعترافاً كاملاً. أكمِلوا المَهمّة! فعندما نتمسّكُ بخطايانا نؤذي أنفسَنا، ونسقطُ في دوّامةِ الخطيّة، ونضُرُّ بعلاقتِنا معَ الله، فترتفعُ بينَنا الجُدْران.

من الأمورِ الأُخرى المُهمّة بخصوصِ الاعترافِ هو أننا لسْنا نخبرُ الله شيئاً لا يعرفُهُ بالفعلِ حينَ نعترف. فالمسألةُ ليسَتْ احتفاظاً بسرٍّ دفينٍ نُخفيهِ عنَ الله! أكملوا المَهمّة فحسب. اعترفوا باكراً. اعترفوا كثيراً. اعترفوا اعترافاً كاملاً. فاللهُ يرى ما يدورُ في الساعةِ الواحدةِ صباحاً، ويسمَعُ همساتِنا. إنه يعرفُ تماماً ما يدورُ في حياتِنا وقلوبِنا. لا يمكننا أنْ نخفيَ عنهُ شيئاً، كما أننا لا يمكنُ أنْ نقولَ له أيَّ شيءٍ لا يعرفُهُ من قبل. نحن مَنْ يتعرّضُ للأذيّةِ عندما نرفضُ الاعترافَ بخطايانا.

 

  1. اعترِفوا بعضُكُمْ لبعضٍ

الاقتراحُ العمليُّ الثانيُ هوَ ببساطةِ أنْ نعترفَ بعضُنا لبعضٍ بخطايانا. هذه ليستْ مجرّدَ فكرةٍ جيّدة، ولكنها مستوحاةٌ من الكتابِ المقدّس (يعقوب 16:5). فمن أكاذيبِ الخطيّةِ أننا عندما نكونُ في ظلمتِها، ونظنُّ أنّه ليسَ أحدٌ يعرفُ أننا ساقطونَ فيها، فإنّ الخطيّةَ تهمسُ لنا كلماتٍ مثل، "لا تُخْبِرْ أحداً"، "سوف يزدادُ الأمرُ سوءاً إذا أخبرتَ أحداً"، "احتفظْ بهذا الأمرِ لنفسِكَ واعملْ عليه"، "إذا أخبرتَ مؤمناً آخر، فأنت بذلكَ تمنحُهُ سُلْطةً عليكَ وسُلطاناً. وهذا ما لا تريدُهُ! سوف يُشيعُ عنك النميمةَ وسيسوءُ الأمرُ أكثر". هل سمعَ أحدُكُمْ هذا الصوت؟ إنه صوتُ الشيطان، إنه صوتُ الخطيّة، إنه صوتُ الأُكْذوبة.

أمّا حقيقةُ الأمرِ فهيَ أنَّ قوّة الخطيّة تتلاشى عندما نكشِفُها في النّور. لو كُنّا نعيشُ في بيئةٍ مختلفةٍ وكنّا جميعاً صادقين، لربّما روَيْنا جميعاً قصصاً عن الأوقاتِ التي كانَتِ الخطيّةُ تشدُّنا فيها، وتهبِطُ بنا إلى القاع، وتدخُلُ بنا في أعماقِ تلكَ الدّوامة. ثم نبدأُ في الشعورِ بالبُؤْسِ متسائلينَ كيفَ يمكنُنا التخلّصُ منْ هذهِ الخطيّة. وفي روحِ الطّاعةِ للكتابِ المُقدّس، وربّما في خضمِّ اليأْس، يلجَأُ كلٌّ منّا في النهايةِ إلى شخصٍ ما يثقُ بهِ ويعترِفُ لهُ قائلاً، "أحتاجُ مِنْكَ أنّ تصلّيَ مِنْ أجلي".

ماذا يحدُثُ عندما نفعلُ ذلك؟ تنتهي المشكِلَة، أليسَ كذلك؟ مِنَ المُدْهِشِ كيفيّةُ تلاشي قوّةِ الخطيّةِ عندما نكشِفُها في النّور، أليسَ كذلك؟ بلى! فلنُكْمِلِ المَهمّةَ ولنعترِفْ بخطايانا بعْضِنا لبعضٍ. فالخطيّةُ حاضرةٌ دائماً، ولنْ ترْحلَ حتى نموتَ ونعودَ إلى الوطنِ السماويّ. ينطوي جزءٌ من المسيرةِ المسيحيّةِ على تعلّمِ التعاملِ معَ الخطيّة. في خِضمِّ خطايانا وفي أثناءِ اعترافِنا، نتغيّرُ مِنْ إحدى درجاتِ المجدِ إلى درجةٍ أُخرى إلى أنْ نصيرَ أكثرَ تشبُّهاً بيسوعَ المسيح. هذهِ هيَ المسألةُ باخْتصارٍ، أليسَ كذلك؟

هـ. نوالُ غُفْرانِهِ

إذاً نحنُ نعترِفُ بِخطايانا. ماذا يحدُثُ عندما نعترِفُ؟ ننالُ غُفرانَ الله. يرِدُ في 1 يوحنّا 9:1، "إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ". فيما نستمرُّ في مسيرتِنا المسيحيّة، ربّما نسقُطُ في الخطيّةِ فيتساءَلُ كلٌّ منّا، "كيفَ يمكنُ أنْ يُحبَّ اللهُ خاطئاً مِثلي؟" والجوابُ هوَ أنهُ أحبَّنا قبلَ التحوّل، فلماذا لا يُحِبُّنا الآن؟ أحبَّنا عِندَما لم نكنْ أولادَهُ، فلماذا يتوقّفُ عنْ حبِّنا الآن ونحنُ أولادُهُ؟ قدْ يخطُرُ هذا الفكرُ على بالِنا، "ولكنْ كيفَ يمكنُ أنْ يُحبَّ اللهُ حقّاً شخْصاً ما يستمرُّ في ارتكابِ الأخطاءُ نفسِها مِراراً وتكراراً؟ كيفَ يُمكنُ أنْ يغفرَ لي حقّاً؟" والجوابُ: لأنّهُ هوَ الله، وهذهِ هيَ طبيعتُهُ. إذا أخطأتَ ضِدّي فسوفَ أجاهِدُ لكي أغفرَ لكَ، ورغمَ أنني أعرِفُ أنّ الكتابَ المقدّسَ يوصيني بأنْ أغفرَ لكَ سبعينَ مرَّةً سبعَ مرّات، فإنَّ هذا صعْبٌ... لأنّني بشرٌ. لكنَّ اللهَ ليسَ بشراً بلْ هوَ إلهٌ أمين. يلتزمُ اللهُ بالغفرانِ مهْما كانتْ خطايانا، ومهْما كانَ عددُ المرّاتِ التي نرتكِبُ فيها الخطيّةَ نفسَها، ومهما كانتْ عواقبُ خطايانا. إنْ اعترفْتُ بخطايايَ وقلتُ، "يا الله، أنتَ على حقٍّ، وأنا المُخطئ"، فسوفَ يلتزمُ بوعدِهِ دائماً، بدونِ استثناءٍ، بأنْ يغفرَ خطايانا ويطهّرَنا مِنْ كلِّ إثمٍ.

و. يُطَهِّرَنَا

إذا أردْتَ أنْ تعرفَ مَعْنى التَّطهير، فانتقلْ إلى المزمور 103، فهوَ مزمورٌ نموذجيٌّ آخرُ عنِ الاعتراف. إذا سقطْتَ في الخطيّةِ وأردْتَ الغفرانَ ولم تجدِ الكلماتِ المناسبة، فسوفَ يرشِدُكَ المزمور 103. اقرأْ كلماتِهِ وكأنَّها كلماتُك. سوفَ أبدأُ بالآيةِ الثامنة، "الرَّبُّ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ. لاَ يُحَاكِمُ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَحْقِدُ إِلَى الدَّهْرِ. لَمْ يَصْنَعْ مَعَنَا حَسَبَ خَطَايَانَا وَلَمْ يُجَازِنَا حَسَبَ آثَامِنَا. لأَنَّهُ مِثْلُ ارْتِفَاعِ السَّمَاوَاتِ فَوْقَ الأَرْضِ قَوِيَتْ رَحْمَتُهُ عَلَى خَائِفِيهِ. كَبُعْدِ الْمَشْرِقِ مِنَ الْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا".

"كَمَا يَتَرَأَّفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَّفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ. لأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ." هذهِ هيَ طريقةُ اللهِ للتَّطْهير! حدّدَ اللهُ ما هوَ صوابٌ وما هوَ خطأ، وقرّرَ الحقَّ والباطلَ والخيرَ والشرّ. إنه خالقُنا، كُلّيُّ الصَّلاحِ وكُلّيُّ الحِكْمة، الذي يريدُ الأفضلَ لخَلْقِه. ورغمَ أنَّ المسيرةَ المسيحيّةَ تتسِّمُ بالفرحِ والنُّصرة، إلا أنَّ الخطيّةَ حاضرةٌ أيضاً. فالعثرةُ موجودةٌ، والسقوطُ حاضرٌ، وهناكَ استسلامٌ  للتّجربةِ وإخطاءٌ للهدف. أرجو أنْ تعترفوا بخطاياكم. اعترفوا باكراً. اعترفوا كثيراً. اعترفوا اعترافاً كاملاً. فليقلْ كلٌّ منكُمْ لله، "أنتَ المحِقُّ تماماً وأنا المُخطئُ تماماً. لا أحدَ غيري يستحِقُّ اللّوم. لقد أخفقْتُ. أنا آسفٌ. سامِحْني مِنْ فضْلِك". واللهُ يلتزمُ بالغفران، وسوفَ ننْعُمُ بالحرّيةِ النابعةِ مِنَ الغُفرانِ والتَّطْهير.

 

ز. المَزْمور 32

أريدُ أنْ أتركَ كلَّ واحدٍ مِنْكُمْ معَ مزْمورٍ أخير. المزمور 32 هوَ واحِدٌ منَ المزاميرَ النموذجيّةِ الأُخرى عنِ الاعتراف. يبدأُ المرنّمُ في الآيةِ الثالثةِ بوصفِ عدمِ الاعترافِ بالخطيّة. يقول، "لَمَّا سَكَتُّ (لما امتنعْتُ عنِ الاعترافِ بخطيَّتي لله) بَلِيَتْ عِظَامِي مِنْ زَفِيرِي الْيَوْمَ كُلَّهُ. لأَنَّ يَدَكَ ثَقُلَتْ عَلَيَّ نَهَاراً وَلَيْلاً. تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ". يتحدّثُ في مزمورٍ آخرَ عنْ لسانِهِ الذي يلتصقُ بحنكِهِ. ومعَ ذلك، ماذا يحدثُ عندما يعترفُ بذنبِهِ؟ تقول الآية الخامسة، "أَعْتَرِفُ لَكَ بِخَطِيَّتِي وَلاَ أَكْتُمُ إِثْمِي. قُلْتُ: ’أَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ بِذَنْبِي‘ وَأَنْتَ رَفَعْتَ أَثَامَ خَطِيَّتِي". لنعد إلى الآيتين الأولى والثانية إذ تقولان، "طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُلٍ لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً وَلاَ فِي رُوحِهِ غِشٌّ".