Loading...

الحياةُ رحلةٌ - Lesson 7

طبيعة يسوع

يسوع هو أشهر شخصيّة عرفها التاريخ. يفوق تأثيرُه على مجريات تاريخ العالم تأثيرَ أيِّ زعيمٍ آخر أو فلسفةٍ أو حركةٍ سياسيّة. يعرف كثيرٌ من الناس هذا الاسم، ولكن منْ هو؟ ماذا قال عن نفسه؟ ماذا قال أتباعه عنه؟ وما هو مغزى وأهمية هذه الأسئلة وأجوبتنا؟

Bill Mounce
الحياةُ رحلةٌ
Lesson 7
Watching Now
طبيعة يسوع

Lessons
About
Resources
Transcript
  • ألقِ نظرة على تجربة تحوّلك. من المفضّل دائماً أنْ تلقي نظرة على تجربة تحوّلك. ماذا حدث في رأيك عندما صرتَ واحداً من أتباع يسوع المسيح؟ هل هناك شيءٌ لا تستوضحه؟ هل من الممكن أنْ تكون قد أسأتَ فهم أي شيءٍ؟ هل حدث أي شيءٍ لم تكن على معرفةٍ به؟

  • التغيّر الذي يحدث في حياتك. يعني "التحوّل" أنّكَ تحوّلتَ من وضعٍ إلى وضعٍ آخر. لقد تحوّلتَ من شخصٍ عاديّ إلى تلميذٍ ليسوع. يعني هذا أيضاً أنّ الله يعمل الآن في حياتك، ويبدأ في أنْ يجعلك أكثر تشبّهاً بيسوع. هل هذا يدهشك؟ ما الذي حدث بالفعل عندما صرتَ مؤمناً؟ كيف تبدو هذه الحياة الجديدة لك كواحدٍ من أتباع يسوع؟ هل تتغيّر حياتي تلقائياً؟

  • سوف تعثر في مسيرتك الجديدة مع الله على الرغم من أنّ قوة الله تعمل فيك، وتساعدك لتصبح أكثر تشبّهاً بيسوع. ليس المقصود من هذا انتزاع فرحك بإيمانك الجديد، بل إعدادك لفرح النمو الروحيّ الذي ينتظرك. يعرف الله هذا ولن يفاجئه الأمر، فهذا لن يؤثر سلباً على تعهّده معك. ما معنى "الخطيّة"؟ هل التجربة خطيّة؟ كيف ستخبر الله أنّك أخطأت وأنك آسف؟ هل يغفر؟ هل يمكنك أنْ تطهر؟

  • التواصل عنصرٌ حاسم في أية علاقةٍ، وهو ينطوي على كلٍ من الاستماع والتحدّث. كلّمنا الله بطريقتين أساسيتين، من خلال الخليقة ومن خلال كلمته، أي الكتاب المقدّس. ما معنى مفاهيم "الوحي"، و"السلطان"، و"القانونيّة"؟ هل يمكن أنْ نثق بالكتاب المقدّس؟ كيف أستمع إلى الله فيما أقرأ كلمته؟ هل من المفترض أنْ أفعل أي شيءٍ بعد قراءته؟

  • لا يتطلّب التواصل السليم مجرّد الاستماع بل التحدّث أيضاً. الصلاة ببساطة هي الحديث مع الله، عن أي شيءٍ وكل شيءٍ. الله هو أبونا الجديد، وهو يريد أنْ يسمع صوتك. كيف تصلّي؟ ما الذي تصلّي من أجله؟ ماذا لو كانت لديّ صعوبة في الاستماع إلى صوته؟

  • عندما صرتَ مؤمناً فهمتَ بعض الأمور عن الله. ولكن هل تعلم أنّه يعرف كل شيءٍ؟ وأنه حاضرٌ في كل مكانٍ؟ وأنّه قادرٌ على كل شيءٍ؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه معرفة الله غير المحدودة؟ ما معنى العبادة؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه ما نعرفه عن الله؟

  • يسوع هو أشهر شخصيّة عرفها التاريخ. يفوق تأثيرُه على مجريات تاريخ العالم تأثيرَ أيِّ زعيمٍ آخر أو فلسفةٍ أو حركةٍ سياسيّة. يعرف كثيرٌ من الناس هذا الاسم، ولكن منْ هو؟ ماذا قال عن نفسه؟ ماذا قال أتباعه عنه؟ وما هو مغزى وأهمية هذه الأسئلة وأجوبتنا؟

  • صنع يسوع الكثير من الأشياء عندما كان على الأرض، ولكن أعظم أعماله كان الموت على الصليب. ولكن ماذا حدث بالضبط؟ ما الذي تحقّق؟ ماذا يقصد الكتاب المقدّس عندما يتحدّث عن يسوع كونه "حَمَل الله"؟ هل هناك أي شيءٍ يمكن أنْ يساعدني على فهم أهمية موته. هل أنا بحاجةٍ للتذكير بذلك الموضوع بصفةٍ منتظمة؟

  • يؤمن المسيحيون بالتوحيد، فنحن نؤمن بإلهٍ واحد. نؤمن أيضاً بالثالوث، أي أنّنا نؤمن بثلاثة "أقانيم" للثالوث: الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس. من هو الأقنوم الثالث في الثالوث؟ ما هو عمله في الواقع؟ ما هو دوره المستمرّ في حياتي؟ ما معنى قيادة الروح القدس لي وتمكينه إياي؟ هل ينبغي عليّ عمل أي شيءٍ، أم أنّه يتولّى عمل كل شيءٍ؟ كيف يمكن أنْ يكون حالنا لولا عمل الروح القدس؟

  • عندما صرتَ مؤمناً بدأتَ في السير مع الله. هذه عمليةٌ مستمرة يوماً بيومٍ تفقد فيها الخطيّة سطوتها على حياتك تدريجياًّ وتصير أكثر تشبّهاً بيسوع. ولكن بعض الأيام تكون أصعب من غيرها، وخصوصاً عندما تأتي الأوقات العصيبة. لماذا تحدث هذه "الأشياء السيّئة"؟ هل يمكنني الاحتفاظ ببعض جوانب نفسي بعيداً عن الله إذا كان ذلك يساعدني على تجنّب الألم؟ هل هناك أيّة عواقب للسماح للخطيّة بالدخول في بعض جوانب حياتي؟ ما معنى أنْ يكون يسوع هو "المخلّص" و"الربّ"؟

  • عندما نصير أولاداً لله ، نصبح أفراد عائلة جديدة لها أبٌ جديد وأخوات وإخوة جدد ووطنٌ جديد. كيف أتواصل مع هؤلاء الناس؟ هل أنا بحاجةٍ لقضاء بعض الوقت معهم؟ هل هذه مهمةٌ سهلة أم صعبة؟ كيف يمكن أنْ تساعدني الكنيسة الأولى على فهم هذه الموضوعات؟ كيف تبيّن محبتي لله نفسها للآخرين؟

  • ينبغي على التلاميذ تلمذة المزيد من التلاميذ. هذه واحدةٌ من أسعد التجارب في حياتك فيما تشارك الآخرين كيف أحياك الله، وسوف يفعل الشيء نفسه لأصدقائك، وجيرانك، وغيرهم. ليست هذه عمليّة مخيفة، ولكنها طبيعيّة في الواقع للأشخاص الذين تغيّروا ويعيشون حياة متغيّرة. كيف سيستجيب الناس لك؟ ما هي "الشهادة الشخصيّة"؟ كيف أخبر الناس أنّ بإمكانهم أيضاً أنْ يكونوا تلاميذاً ليسوع؟ ماذا لو لم أعجبهم؟

Arabic

مدة منهجنا 12 أسبوعاً، وهو يوجّه الطلّاب في الاتجاه الصحيح، ويشجّع المؤمنين الناضجين على إرشادهم. ومن المعتاد أن يتفاعل الطالب مع المقطع الكتابيّ خلال الأسبوع، ونشجّعه لكي يبدأ في كتابة تأملاته، والصلاة، وحفظ النصوص الكتابية عن ظهر قلب. ثم يستمع الطالب والمرشد كلاهما إلى حديث مدّته ثلاثون دقيقة وتوجد معه ملاحظات دراسية، وبعدها يعملان على الإجابة عن الأسئلة التأملية ويبقى لديهما يومان للتأمل بما تعلّماه.

ويتم النسخ ويمكن تحميلها (انظر إلى اليمين) . ونحن نعمل على المصنف والصوت.

الدَّرْسُ السّابِعُ ■ مَعْرِفَةُ المزيدِ عَنْ شخصِ يسوع

مَنْ هوَ يسوع؟

كان هذا السّؤالَ المحوريَّ في الكنيسةِ الأولى، وكانَ بالتّأكيدِ المسألةَ المحوريّةَ في كرازةِ بولس. يقولُ بولسُ لأهلِ كورنثوس، "لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً". يُعَدُّ سؤالُ "مَنْ هُوَ يسوع؟" الشّغلَ الشّاغلَ للأسفارِ الأربعةِ الأولى مِنَ العهدِ الجديد، فالأناجيلُ تُخبِرُنا عَنْ حياةِ يسوعَ المسيحِ وموتِهِ وقيامتِهِ. يُبيّنُ اسمُنا كمسيحيّين، في الواقع، أنّنا لسْنا مُرتبطينَ في المقامِ الأوّلِ بالعقيدةِ، أوْ بالتّبعيةِ، أو بالدّين، بلْ مرتبطينَ أوّلاً وقبلَ كُلِّ شيءٍ بيسوعَ المسيحِ وَبِهويّتِهِ.

هويّةُ يسوعَ هيَ السّؤالُ المحوريُّ للواقعِ بأسرِهِ، ومِنَ الأهمّيّةِ بمكانٍ أنْ يَمْلِكَ جميعُ المسيحيّينَ جواباً واضحاً عَنْ هذا السّؤال. هناكَ الكثيرُ مِنَ الأجوبةِ الشّائعةِ عنْهُ، أليسَ كذلك؟ إذا خرجْنا إلى الشّارعِ وسأَلْنا النّاسَ، "مَنْ هوَ يسوعُ مِنْ وُجهَةِ نَظَرِكُمْ؟"، فسوفَ نسمعُ مُختلفَ أنواعِ الأجوبة. مِنَ المُؤكّدِ أنْ نسمعَ مَنْ يقولُ إنَّ يسوعَ كانَ إنساناً صالحاً، أو مُعلِّماً، أو نبيّاً، أو مؤسّسَ دِيانة. وربّما نجدُ مَنْ يقولُ إنّ شيطاناً كانَ يسكنُهُ، كما اعتقدَ بعضُ النّاسِ في زمانِ يسوع. وربّما نصادِفُ مَنْ يقول، "إنّهُ إلهٌ أقلّ مكانةً، وهو كائنٌ مخلوقٌ أو شقيقٌ للشيطان". لوْ سألتُمْ ألبِرْتْ شفايتزِرْ Albert Schweitzer، ولعلَّهُ أعظمُ مسيحيٍّ في القرنِ الماضي، لقالَ إنَّ يسوعَ المسيحِ ماتَ على الصّليبِ مخدوعاً هاذياً. وإذا سأَلْنا آخرينَ عَنْ هويّةِ يسوع، فربّما نسمعُ أجوبةً مثلَ، "لا أعرفُ، ولا يهمُّني أَمْرُهُ".

هناكَ مجموعةٌ واسعةٌ مِنَ الأجوبةِ عَنْ سؤال "منْ هوَ يسوع؟" ومعَ ذلك، يتوقَّفُ كُلُّ شيءٍ في الحياةِ والموتِ على هذا السّؤال، أليسَ كذلك؟ فهذا السّؤالُ، لهُ جوابٌ صحيحٌ وجوابٌ خاطئٌ. بينما نقِفُ أمامَ كرسيِّ اللهِ للدّينونة، لنْ يكونَ هناكَ سوى جوابٍ واحدٍ صحيحٍ عَنْ سؤالِ "مَنْ هوَ يسوع"؟

 

  • أعمالُ الرُّسُل، الفَصْلُ الثّاني

 

يَروي سِفرُ أعمالِ الرّسلِ قصّةَ الكنيسةِ الأولى، وَتَرِدُ عظةُ بطرسَ الأولى في الفصلِ الثاني. استهدفَتْ عظةُ بطرسَ الأولى الجوابَ عَنْ سؤالِ "مَنْ هُوَ يسوع؟" يقولُ بطرسُ في سفرِ أعمالِ الرُّسل 22:2-24، "أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ. هَذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ (لا بدَّ أنّه تأثّرَ كثيراً فصاغَ تعبيرَهُ هكذا) وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ الْمَوْتِ إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ".

يشرَعُ بطرسُ بعدَ ذلكَ في مُناقشةِ نبّوةٍ عَنْ يسوعَ جاءَتْ على لسانِ المَلِكِ داودَ قبلَ ألفِ سنةٍ. ويواصلُ كلامَهُ بدءاً منَ الآية 32 قائلاً، "فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِكَ. وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ سَكَبَ هَذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ"، أيْ عطيّةَ الرّوحِ القُدُس. ويتابِعُ مِنَ الآيةِ 36، "فَلْيَعْلَمْ يَقِيناً جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ اللهَ جَعَلَ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ رَبّاً وَمَسِيحاً. فَلَمَّا سَمِعُوا نُخِسُوا فِي قُلُوبِهِمْ وَسَأَلُوا بُطْرُسَ وَسَائِرَ الرُّسُلِ: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟" فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ".

دامَتْ عظةُ بطرسَ لفترةٍ قصيرةٍ مِنَ الوقتِ فآمنَ ثلاثةُ آلافِ نفسٍ. وهكذا تمحْوَرَتْ كرازتُهُ بأكملِها حولَ هذا السّؤال: "مَنْ هوَ يسوع"؟ وأحدُ جوانبِ التّوبةِ التي يدعوهم إليها في الآيةِ 38 هوَ بالتّأكيدِ التّوبةُ عَنِ الخطيّة، ولكنَّ بطرسَ كانَ يدعوهم في المقامِ الأوّلِ إلى التّوبةِ عَنْ سوءِ فهمِهِمْ لهويّةِ يسوع. كان هذا موضوعَ العظةِ بأكملِها: " مَنْ هوَ يسوع"؟ التّوبةُ دعوةٌ لتركِ تصَوُّراتِهِمِ السّابقةِ عَنْ يسوعَ وقبولِ تعريفِ بطرسَ وإدراكِهِ لهويّةِ يسوع.

 

  • إنْسانٌ حقيقيٌّ

 

مَنْ هوَ يسوع؟ لاحظوا أنَّ بطرسَ يبدأُ بالاسمِ "يسوعَ الناصريّ". يَنْصَبُّ جانبٌ مِنْ رسالةِ الإنجيلِ بالتّأكيدِ على أنّ يسوعَ كانَ إنساناً حقيقياً. وُلدَ يسوعُ لمريمَ ويوسف، وهما قَرويّانِ ليسَ لهما رتبةٌ، أو شهرةٌ، أو ثروة. نشأَ يسوعُ في بلدةٍ صغيرةٍ تُدعى النّاصرة، وهيَ بُقْعَةٌ واسِعةٌ مُهْمَلةٌ في بلدٍ منعدمِ القيمةِ وفقَ حساباتِ العالمِ في ذلكَ الزمان. عندما بلغَ يسوعُ الثلاثينَ مِنْ عُمْرِهِ، جمَعَ حولَهُ اثنَيْ عشرَ رَجُلاً ليكونوا أتباعاً له، وظلَّ يكرِزُ لمدّةِ ثلاثِ سنواتٍ ونصف. كان يتعبُ ويأكلُ وينام، لكنّهُ لمْ يتزَّوجْ كما روّجَتْ عنْهُ أكذوبةٌ شائعة. لم يمتلِكْ بيتاً، ولمْ يسافِرْ بعيداً عَنْ وطنِهِ. ومعَ ذلك، اعتبروهُ ثائراً دينيّاً، ورأوا فيهِ تهديداً للمؤسّسةِ الدّينيّة. هجَرَهُ أتباعُهُ بعدَ ثلاثِ سنواتٍ ونِصف، وقتَلَهُ أهلُ وَطنِه. كانَ يسوعُ الناصريُّ إنساناً حقيقياً تماماً حتى إنّهُ مرَّ بالكثيرِ منَ التَّجاربِ التي نمرُّ بِها نحن.

ج. يسوعُ ربٌّ

يوضّحُ بطرسُ أنَّ يسوعَ هوَ أعظمُ مِنْ مجرّدِ يسوعَ الناصريّ، وندرِكُ مِنْ عظتِهِ أنَّ يسوعَ هذا ليسَ إنساناً عاديّاً. يشيرُ بطرسُ في الآيةِ 36 إلى أنَّ اللهَ كشفَ مِنْ خلالِ القيامَةِ أنّ يسوعَ ربٌّ أيضاً. ولكنْ ما مَعنى كلمةِ ربّ؟ تعني هذهِ الكلمةُ في اللغةِ اليونانيّةِ kurios، التي ربّما سمعتموها مِنْ قَبْل. مِنَ الصّعبِ ترجمةُ كلمةِ kurios لأنّها تتضمّنُ مجموعةً واسعةً جدّاً مِنَ المعاني. يمكنُ أنْ تعنيَ سيّدي، وهو تعبيرٌ مستخدَمٌ للمخاطبةِ المُهذّبة. ويمكنُ أنْ تعنيَ السّيّد، في سياقِ حديثِ العبْدِ إلى سيّدِهِ. كان العبدُ يخاطبُ سيّدَهُ باستخدامِ كلمةِ kurios على الأرجح.

تُستخدَمُ كلمةُ kurios استخداماً آخرَ أكثرَ أهميّةٍ في هذا السّياق. استُخدِمَتْ كلمةُ kurios اليونانيّةُ في التّرجمةِ اليونانيّةِ للعهدِ القديم أي التّرجمةِ السّبعينيّة، لترجمةِ اسمِ اللهِ القدّوسِ في العهدِ القديمِ بأكملِهِ، وهوَ اسمُ يهوه. يذكُرُ موسى الاسمَ kurios في قصّةِ العُلّيقةِ المُشتعِلَةِ في الفصلِ الثالثِ مِنْ سفرِ الخروجِ في العهدِ القديم. يمرُّ موسى على علّيقةٍ مُشتعلِةٍ ولكنّها لا تحترِقُ فيتقدَّمُ ليراها. يتكلَّمُ اللهُ مِنَ العلّيقةِ المُشتعلة، فيسأَلُهُ موسى في أثناءِ الحوارِ عَنِ اِسمِهِ. يجيبُ اللهُ مِنَ العلّيقةِ المُشتَعِلَة، "أهْيَهْ الَّذِي أهْيَهْ". يَرِدُ هذا الاسمُ "أهْيَهْ" في اللغةِ الإنجليزيّةِ بمعنى يهوه، وهوَ الاسمُ نفسُهُ الذي تُرْجِمَ بصيغة kurios في التّرجمةِ اليونانيّةِ للعهدِ القديم.

د. يسوعُ هُوَ ابنُ الله

يكرِزُ بطرسُ في سفْرِ أعمالِ الرُّسل 2 بأنّ يسوعَ هوَ الله، وَبأنَّهُ أهْيَهْ العظيمُ الذي ورَدَ اسمُهُ في قصّةِ العلّيقةِ المشتعلةِ في الفصلِ الثالثِ مِنْ سفرِ الخروج. يستفيضُ العهدُ الجديدُ بِجُمْلَتِهِ في طرحِ موضوعِ ألوهيّةِ يسوع. فابتداءً بميلادِ يسوع، عندما نقرأُ قصصَ الميلادِ في إنجيلِ متّى، يذكِّرُنا متّى بِأنَّ إشعياءَ نطقَ نبوّةً قبلَ حوالي 700 سنةٍ مِنْ ميلادِ يسوعَ بأنَّ العذراءَ ستحبلُ وتلدُ ابناً. حبِلَتْ مريمُ العَذْراء، وولَدَتْ طِفْلاً بعدَ 700 عام. وكان مِنَ الطبيعيِّ أنْ ترتبكَ مريمُ عندما جاءَ الملاكُ ليبشِّرَها بِما سيجري.

يشرحُ الملاكُ في لوقا 35:1 كيفَ سيحدُثُ هذا. "فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ". وهكذا يُستخدَمُ تعبيرُ "ابنِ الله" لوَصْفِ يسوعَ حتّى عندَ إعلانِ ميلادِ يسوع، كما يُستخدَمُ عبرَ فقراتِ العهدِ الجديدِ للاستمرارِ في وصْفِ يسوع. على سبيلِ المثال، لماذا كتَبَ يوحنّا البشارةَ الرّابعة؟ ماذا كانَ الغرضُ مِنْ كتاباتِهِ؟ إنّهُ يخبِرُنا بذلكَ في الفَصْلِ 20 قائلاً، "وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ".

وبالمِثْلِ، فإنَّ عُنْوانَ بِشارةِ مرقس في مرقس 1:1 هوَ، "بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللَّهِ". يَستخدِمُ مر  قسُ هذا العنوانَ لبشارتِهِ. يكتُبُ مرقسُ ليُخبرَنا أنَّ يسوعَ لمْ يَكُنْ مُجرّدَ إنسانٍ بلِ ابْنَ اللهِ حَقّاً. والمثيرُ للانتباهِ عندما نقرأُ بشارةَ مرقسَ أنَّ عُنوانَ البشارة، أي ابنَ الله، لا يَرِدُ سوى مرَّتينِ أُخرَيَيْن: يصْرَخُ اللجئونَ في الفصلِ الخامسِ قائلاً، "مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللَّهِ الْعَلِيِّ!" كما يقولُ قائدُ المئةِ بعْدَ مَوْتِ يَسوع، "حَقّاً كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللَّهِ". ربّما أسأَلُ، "إذا كان هدفُكَ مِنَ الكتابةِ، يا مَرْقس، هوَ إثباتُ أنّ يسوعَ هوَ ابنُ الله، أفلا يَنبغي أَنْ تُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ ذلك؟" فَيُجيبني مرْقُس، "يا بيل، لا يَجِبُ التَّعبيرُ عَنْ كُلِّ شيْءٍ بتصريحاتٍ لاهوتيّةٍ واضِحَة. إذا أرَدْتَ هذا، فعليْكَ بِقراءَةِ بشارةِ يوحنّا، فهُوَ مُتَخَصِّصٌ في هذا المجال".

يُعلِّمُ مرقسُ ألوهيّةَ المسيحِ ضِمْنيّاً مِنْ خلالَ القِصَصِ التي يَرويها. عندما نقرأُ القِصصَ الواردةَ في بِشارةَ مرقسَ بخصوصِ أعمالِ يسوعَ وتعاليمِهِ، نُدركُ أنّ هذا هوَ ابنُ الله. لا نحتاجُ إلى معرفةِ تفاصيلِ بشارةِ مرقس لكي ندركَ أنَّ يسوعَ له سلطانٌ على المرض، وعلى الشّياطين، وعلى الطّبيعة. يمكنُهُ حتّى تهدئةَ بحرِ الجليلِ المُضطرِب. يسوعُ لهُ سلطانٌ على الموتِ إذْ يمكنُهُ إقامَةُ ابنةِ يايرسَ مِنْ بينِ الأَموات. ويسوعُ لهُ سُلْطانٌ على مَغْفرةِ الخطايا، الأمرُ الذي لا يخصُّ سوى اللهَ وحدَهُ. فيما نقرأُ الفصولَ الأولى مِنْ بشارةِ مرقس، سُرعانَ ما ندركُ أنّ مَنْ يعملُ هذهِ الأعمالَ لا بُدَّ أنْ يكونَ أعظمَ مِنْ مجرّدِ إنسانٍ عاديٍّ بلْ هوَ ابنَ الله. يحضرُني القولُ إنّهُ عِنْدما يَسمعُ النّاسَ تعبيرَ "ابنِ الله"، فَمِنَ السَّهلِ حقّاً أنْ يُسيئوا فَهُمْ ما يعنيهِ هذا التَّعبير.

يستخدِمُ الكتابُ المقدّسُ كلمةَ "ابن" مثلما أستخدِمُها في سياقِ الإشارةِ إلى ابنيَّ تايلِرْ وهايدِنْ، ولكنَّ الكتابَ المقدّسَ يستخدِمُ أيضاً تعبيرَ "ابْن" بمعنىٍ مختلفٍ إلى حدٍّ كبير، ومِنَ السَّهلِ إساءةُ فهمِهِ. أساءَ المورمونُ فهْمَ هذا التَّعبيرِ على سبيلِ المثال، فهُمْ يؤمنونَ أنَّ يسوعَ مخلوقٌ أدنى وشقيقٌ للشيطان، وهذا ما لا يعنيهِ التّعبيرُ في الكتابِ المقدّس. يتعيّنُ علينا أنْ نفهمَ أنّ يسوعَ عاشَ في ظلِّ ثقافةٍ توحيديّةٍ سائدةٍ لا تؤمنُ إلّا بوجودِ إلهٍ واحدٍ فقط، وكلُّ ما يندرِجُ تحتَ هذا العنوان. ولمْ يفهموا بعدُ ما يعنيهِ مُصطلَحُ الثّالوث.

عندما بدأَ يسوعُ باستخدامِ بعضِ التّعبيراتِ التي تشيرُ إلى العلاقاتِ العائليّةِ مثلِ "أنا الابنُ"، أو "أنا ابنُ الله" أو "اللهُ أبي،" كانَ اليهودُ في زمانِهِ يفهمونَ بالضَّبطِ ما كانَ يقصدُهُ. فهموا أنّه عَادَلَ نفسَهُ بالله. يَرِدُ أفضلُ مقطعٍ يكشفُ هذا الأمرَ في يوحنّا 5. قالَ يسوعُ في الآيةِ 17، "أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ". شفى يسوعُ رَجُلاً في يومِ سبت، رغمَ أنّ هذهِ الحادثةَ كانَتْ مُسْتهْجَنَةٌ للغايةِ في الطّقوسِ اليهوديّة. نقرأُ في الآيةِ 18، "فَمِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ (لم يكن يتبع أبسط القواعد) بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ اللَّهَ أَبُوهُ مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللَّهِ". وهكذا عندما يتحدّثُ يسوعُ عَنْ نفسِهِ كونِهِ الابنَ، وعَنِ الله مِنْ حيثُ كونِهِ أباه، وعندما يتحدّثُ الكتابُ المقدّسُ عَنْ يسوعَ كونِهِ ابنَ الله، نستنتجُ بالتّالي أنّه ليسَ مخلوقاً أدنى. يؤكّدُ يسوعُ على أنّهُ اللهُ نفسُهُ.

هـ. يسوعُ هُوَ الله

يُصرِّحُ الكتابُ المقدّسُ أنَّ يسوعَ هوَ الله. لا يستخدِمُ الكتابُ المُقدّسُ تعبيرَ "ابنِ الله" دائماً، ولكنَّهُ يؤكِّدُ أحْياناً أنَّ يسوعَ هوَ الله. يرِدُ في بشارَةِ يوحنّا 1:1 "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ". فيما نواصِلُ القراءةَ في يوحنّا 1، ندركُ أنَّ "الكلمة" مفهومٌ فلسفيٌّ ينطبقُ على يسوع. كان يسوعُ هوَ الله. بالمناسبةِ، عندما يأتيكُمْ شهودُ يهوهْ قائلينَ إنَّ تعبيرَ "الكلمة" يجبُ أنْ يصبحَ "كلمة" وإنَّ تعبيرَ "الله" يجب أنْ يصبحَ "إله"، فاطلبوا منهُمْ أنْ يتلوا الحروفَ الأبجديّةَ اليونانيّةَ لأنّهمْ لا يفهمونَ اللغةَ اليونانيّة. لا يقولُ الكتابُ المقدّسُ إنَّ يسوعَ مجرَّدُ إلهٍ god، ولكنّهُ يقولُ إنَّ يسوعَ هوَ الله God. إذا أرادوا الجدال، فيمكنُهُمُ الرّجوعُ إلى كتابٍ رائعٍ في قواعدِ اللغةِ اليونانيّةِ للكاتبِ دانْ والِسْ Dan Wallace، وسوفَ يكشِفُ لهُمْ حقيقةَ الأَمْر. "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ".

يقولُ يوحنّا بعدَ ثماني عشرةَ آيةٍ، "اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ". "الابنُ الوحيدُ" ليسَ هوَ اللهَ الآبَ لأنَّ "الاِبْنَ الوحيدَ" في حضْنِ الآب. هلْ تستوعبون هذا؟ يتضِّحُ هُنا أنَّ "الِابْنَ الوحيدَ" هوَ يسوع. أكّدَ يسوعُ نفسُهُ أنّهُ الله، أليسَ كذلك؟ تجادَلَ معَ اليهودِ مرّةً أُخرى، ويقولُ في يوحنّا 8، "... قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ". فَهِمَ اليهودُ بالضّبْطِ ما كان يقولُهُ، لأنّهُمْ حاولوا أنْ يقتلوهُ لهذا السّببِ إذ كانَ القتلُ عقوبةً للتّجديف. قالَ يسوعُ، "قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ". "أنا أَهْيَه العظيم". "أنا يهوه". "أنا يهوهْ الذي تكلّمْتُ منَ العُلّيقةِ المشتعلة". أنا الربُّ kurios". أنا الله".

يقولُ يسوعُ بعدَ ذلكَ في يوحنّا 30:10، "أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ". كان توما أحدَ تلاميذِ يسوع، وكان يهوديّاً يؤمنُ بالتّوحيديةِ إيماناً شديداً. ومعَ ذلك، عندما رأى توما الربَّ المُقام، كان ردُّهُ، "رَبِّي وَإِلَهِي". يتحدّثُ بولس إلى صديقِهِ تيطس فيشيرُ إلى "... اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ". كما يتحدّثُ بطرسُ عَنْ برِّ "إِلَهِنَا وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ". هناكَ المزيدُ جدّاً مِنَ الآيات، والعديدُ منَ الحججِ التي يمكنُني الإشارةُ إليها، ولكنْ مِنَ الواضحِ جداً أنّ الكتابَ المقدّسَ يؤكّدُ على أنّ يسوعَ هوَ الله، تماماً مثلما أكّدَ تلاميذُهُ ورسلُهُ.

هـ. تمهيدُ الطريقِ للثّالوث

مِنَ الأمورِ المُثيرةِ للاهتمامِ في هذا المزيجِ كلِّهِ أنَّ على كاتبي الكتابِ المقدّسِ أنْ يمهّدوا الطريقَ للثالوث. هلْ تتذكّرونَ مناقشَتَنا بخصوصِ ذلك؟ نحنُ موحِّدون: "إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ". نحنُ نؤمنُ بإلهٍ واحد، أليسَ كذلك؟ ومعَ ذلك، فنحنُ نؤمنُ بالثّالوث، أيْ بالربّوبية: اللهُ الآب، واللهُ الابن، واللهُ الرّوحُ القدس. كلُّ أقنومٍ مِنَ الأقانيمِ الثلاثةِ هوَ اللهُ بالكامل، وفي الوقتِ نفسِهِ فإنَّ الأقانيمَ الثلاثةَ معاً هُمُ الله. هذا لغزٌ، أليس كذلك؟ يجبُ ألّا نتوقعَ أنْ نفهمَ أمورَ اللهِ فهْماً كاملاً. يمكنُنا أنْ نرى مِنْ طريقةِ استخدامِ الكلماتِ في العهدِ الجديدِ أنّ كاتبيهِ يحاولونَ تمهيدَ الطريقِ لكشفِ حقيقةِ الثالوث.

لا يقولُ يسوعُ على سبيلِ المثال، "أنا والآبُ متشابهانَ تماماً." إنّهما ليسا كذلك بالتّأكيد. هناكَ اللهُ الآب، واللهُ الابن، واللهُ الرّوحُ القدس. ومعَ ذلك، فاللهُ واحدٌ. يجبُ أنْ تتعاملَ اللغةُ معَ واقعِ الثالوث، ورغمَ هذا، فإنَّ هذهِ كلَّها تأكيداتٌ صريحةٌ بأنَّ يسوعَ هوَ الله. عندما نستندُ على هذا الأساس، يمكنُنا أنْ نعودَ إلى استخدامِ كلمةِ الربِّ في سفرِ أعمالِ الرّسل 2، وأنْ نرى ما يكرِزُ بِهِ بطرس. يكرِزُ بطرسُ قائلاً إنّهُ بقيامَةِ يسوعَ كشَفَ اللهُ صراحةً أنّ يسوعَ هوَ الربّ kurios، ويهوَهْ، وأَهْيَه العظيم، وابنُ الله، وأنّهُ هوَ الله. هذهِ هيَ التّرجمةُ التّفسيريّةُ لما وردَ في سفرِ أعمالِ الرّسل 36:2.

 

و. التَّجسُّد

  1. ناسوتٌ كامِلٌ

نحنُ نتعامَلُ هُنا معَ عقيدةِ تجسُّدِ يسوعَ التي تتمثّلُ في أنَّ اللهَ صارَ جسَداً. وهذا معْناهُ أنَّ التّجسُّدَ هوَ العقيدةُ القائلةُ بأنَّ يسوعَ كان لاهوتاً كاملِاً وناسوتاً كاملاً. يمثّلُ جانِبا هذهِ المعادلةِ أهميةً قُصوى لأنَّ يسوعَ لَمْ يَبْدُ بِمَظْهَرِ البَشَرِ فَحَسْب، ولكنّهُ كان ناسوتاً كاملاً. يقولُ يوحنّا في يوحنّا 14:1، "وَالْكَلِمَةُ (يسوع) صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا". يستخدِمُ يوحنّا أبسطَ كلمةٍ مُمْكِنَةٍ باللغةِ اليونانيّةِ لوصفِ هذهِ الأمورِ التي تفوقُ إدراكَنا: صارَ يسوعُ جسداً. لا يشيرُ الكتابُ المقدّسُ إلى أنَّ اللهَ يسكُنُ في داخلِ يسوع، أوْ أنَّ يسوعَ يسكُنُ في هيكلٍ بشريٍّ، لا شيءَ مِنْ هذا القبيل.

كان يسوعُ إنساناً مثلَنا تماماً. يشيرُ الكتابُ المقدّسُ إلى أنّه في حينِ أنّهُ ناسوتٌ كاملٌ، إلّا أنّهُ عاشَ بِلا خطيّة. يتحدّثُ كاتبُ رسالةِ العبرانيّينَ في الفصلِ الرّابعِ مِنْها عَنْ حقيقةِ كونِ يسوعَ رئيسَ كهنَتِنا. يقفُ يسوعُ بينَ اللهِ الآبِ وبينَنا مُتشفِّعاً فينا. تقولُ الرسالةُ إلى العبرانيّين 15:4، "لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ". هذهِ واحدةٌ مِنْ روائعِ عقيدةِ التّجسّد.

عندما نصلّي إلى الله نفهمُ أنّ ربَّنا ومخلِّصَنا، يسوعَ المسيح، ماثلٌ دائماً أمامَ العرشِ يشفعُ فينا. نعلَمُ أنَّ يسوعَ يرثي لكُلِّ ما يحدُثُ لنا لأنّهُ كان ناسوتاً كاملاً ومرَّ بالتّجاربِ نفسِها التي مرَرْنا بها، إلّا أنّهُ كان بِلا خطيّة. يتحدّثُ كاتبُ الرسالةِ إلى العبرانيّينَ في الفصلِ السّابِعِ مرةً أخرى عَنْ يسوعَ بأنّهُ رئيسُ كهنةٍ، ويستخدمُ تعبيراتٍ مثل "قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ". كان يسوعُ ناسوتاً كاملاً، ولكنْ بِلا خطيّة.

 

  1. لاهوتٌ كامِلٌ

تنطبقُ صِحَّةُ الجانبِ الآخرِ مِنْ معادلةِ التّجسّدِ بالدَّرجةِ نفسِها. كانَ يسوعُ ناسوتاً كامِلاً، إلّا أنّهُ كانَ أيضاً لاهوتاً كاملاً. كَمْ مِنَ المرّاتِ سمعتُمْ مَنْ يقول، "أعتقدُ أنّ يسوعَ كانَ مجرّدَ إنسانٍ صالح"؟ ألمْ نسمعْ ذلكَ أكثرَ مِمّا ينبغي؟ حدثَ هذا معي بالتّأكيد. حقيقةُ الأمرِ هيَ أنَّ النّاسَ الصّالحينَ لا يقولونَ الأقوالَ التي قالَها يسوع. إذا كانَ يسوعُ مجرّدَ بشرٍ فحسْب، فلا يمكِنُ أنْ ندعُوَهُ إنساناً صالحاً، أليس كذلك؟ لا يقولُ النّاسُ الصّالحونَ أقوالاً مثل، "أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ".

كمْ أُشفِقُ على إخوةِ يسوعَ وأخواتِهِ! "أمّي، اسمعيهِ يكرِّرُ قولَهُ: يقولُ للجميعِ إنّهُ الكرمة". علينا أنْ نصبرَ على إخوتِهِ وأخواتِهِ، فنحنُ نتحدّثُ هنا عنْ أخٍ أكبرَ يتّصِفُ بالكمال! والإنسان الصّالح لا يطوفُ كلّ مكانٍ قائلاً، "أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ"، ولوْ فعلَ ذلكَ، لوضعناهُ في مكانٍ وأغلَقْنا عليهِ. منَ المُحزنِ أنّ العديدَ مِنْ مؤسّساتِنا المسيحيّةِ تمتلئُ بأناسٍ يعتقدونَ أنّهمْ يسوعُ، وأنّهُمُ المسيح، وأنّهُمُ الله. يتحكَّمُ النّاسُ في قدراتِهِمِ العقلية، وإذا كانوا صالحين، فلن يقولوا الكلماتِ التي قالَها يسوع. كلُّ مَنْ يقول، "أعتقدُ أنّ يسوعَ كان إنساناً صالحاً وحسب" فهوَ ببساطةٍ لمْ يقرأِ الكتابَ المقدّس. لا يمكنُ أنْ تقرأوا الكتابَ المقدّسَ وتستوعبوا الموضوعَ بهذهِ الطريقة. يُقالُ في كثيرٍ منَ الأحيانِ إنَّ يسوعَ إمّا أنْ يكونَ كاذباً مريضاً، أو مجنوناً، أو مختلَّ العقل، أو بالضبطِ كما وصفَ نفسَهُ بأنّهُ الله. ليسَ هناكَ خيارٌ رابع.

 

ز. أهميّةُ التَّجسُّد

يسوعُ لاهوتٌ كاملٌ وناسوتٌ كامل. هذهِ هيَ عقيدةُ التَّجسُّد. ولكنْ هناكَ سؤالان: هلْ مِنَ المُهمِّ أنْ نؤمنَ بهذا؟ وهلْ مِنَ المهمِّ أنْ نفهَمَ هذا؟ الجوابُ هوَ نعَمْ بالطّبع. فالتّجسُّدُ، على أقلِّ تقديرٍ، هوَ أعظمُ معجزةٍ حدثَتْ عبرَ التّاريخ. إنّها مُعجزةُ صيرورةِ اللهِ في هيئةِ إنسانٍ. أعتقدُ أنّ هناكَ سبَبَيْنِ وجيهَيْن، على الأقل، لضرورةِ تركيزِنا على التّجسُّدِ والإيمانِ بهِ وفهمِهِ:

 

  1. التّجسّدُ ضروريٌّ لخلاصِنا

يرتبِطُ السّببُ الأولُ بخلاصِنا. الطريقةُ الوحيدةُ التي جعلَتِ الخلاصَ مُمْكناً لنا هو أنْ يصيرَ يسوعُ الإلهَ المتجسِّد، وهوَ المُصْطلَحُ الذي يحِبُّ اللاهوتيّون استخدامَهُ. إذا لمْ يكنْ يسوعُ هوَ الإلهُ المتجسّد، لما استطاعَ أنْ يدبّرَ الخلاص، ولَكُنّا لا نزالُ مائتينَ في ذنوبِنا وخطايانا.

يقولُ الكتابُ المقدّسُ إنّ يسوعَ كان ينبغي أنْ يصيرَ ناسوتاً كاملاً ليكونَ كفّارةً عَنْ خطيّةِ الإنسان، فعدالةُ اللهِ تتطلّبُ موتَ إنسانٍ عَنْ خطيّةِ البشر. يُسْهِبُ كاتبُ الرّسالةِ إلى العبرانيّينَ في شرحِ هذهِ الفكرةِ مرةً أخرى، فيقولُ في العبرانيين 17:2 إنّ يسوعَ، "كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيماً، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِيناً فِي مَا لِلَّهِ (لو لمْ يكنْ إنساناً لما صارَ رئيسَ كهنَتِنا) حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ". كان ينبغي على يسوع أنْ يكونَ مثلَنا ليكفّرَ عَنْ خطايانا. لا أعرفُ لماذا كان يجبُ أنْ يكونَ الأمرُ على هذا الحال، ولكنَّ هذا يرتبطُ بقلبِ اللهِ وبعدالتِهِ. كان ينبغي على يسوعَ أنْ يكونَ ناسوتاً كاملاً، ولوْ لمْ يكنْ كذلك، لما كانَتْ هناكَ أيُّ كفارةٍ، أيْ لَكُنّا لا نزالُ في خطايانا وفي طريقِنا إلى الجحيم. ألا يسعِدُكُمْ أنّ يسوعَ كان ناسوتاً كاملاً؟

كان ينبغي أنْ يكونَ يسوعُ أيضاً لاهوتاً كاملاً مِنْ أجلِ إتمامِ الخلاص. لمْ يكنْ بمقدورِ أيِّ إنسانٍ أنْ يحملَ ثقلَ خطيّةِ العالمِ بأسرِهِ (في الماضي، والحاضرِ، والمستقبلِ) في أثناءِ تلكَ السّاعاتِ التي عُلِّقَ فيها يسوعُ على الصّليب. لا يستطيعُ أحدٌ مِنّا أنْ يتحمّلَ هذا الثِّقل. كان ينبغي على يسوعَ أنْ يكونَ لاهوتاً كاملاً لأنّه لمْ يقدِرْ إنسانٌ أنْ يعيشَ حياةَ الكمال. لوْ لمْ يكنْ يسوعُ قدْ عاشَ حياةَ الكمال، لما كان هناكَ موتٌ كفاريٌّ عَنْ ذنوبِنا. لمْ يوجَدْ إنسانٌ يستطيعُ بموتِهِ أنْ يُكَفِّرَ عَنْ خطايانا. إذا استطعْنا بشكلٍ ما أنْ نعيشَ حياةَ الكمال، فهلْ يُمكِنُ لموتِنا أنْ يسدّدَ عقوبةَ خطيّةِ شخصٍ آخر، ناهيكُمْ عَنْ خطيّةِ العالمِ بأسرِهِ؟ كان ينبغي أنْ يكونَ يسوعُ لاهوتاً كاملاً لإتمامِ هذهِ الأمورِ لأنّ الخلاصَ لإلهِنا في نهايةِ المطاف، ولذلك كان ينبغي على يسوعَ أنْ يكونَ هوَ الله. يَرِدُ القرارُ في المزمور 8:3، ويُسهِبُ سفرُ الرّؤيا 10:7 في شرحِهِ بأنّ "الْخَلاَص لِإِلَهِنَا".

يتوقًّفُ خلاصُنا بِلا ريبٍ على التّجسّد، أيْ على النّاسوتِ الكاملِ للمسيح، حتى يكونَ موتُهُ موتاً بشرياً، كما يتوقَّفُ على اللاهوتِ الكاملِ للمسيحِ حتى يكفّرَ موتُهُ عنكَ وعنّي. لولا تجسّدُ المسيحِ لكُنّا جميعاً أمواتاً وفي طريقِنا إلى الجحيم. تترتّبُ بعضُ النتائجِ المُدهشةِ عَنْ هذهِ الحقيقة، أليس كذلك؟ اسمحوا لي أنْ أذكُرَ نتيجتَيْن بصفةٍ عابرة.

أ. المسيحيّةُ فريدةٌ

إذا أدركْنا التّجسّدَ وما يعنيه، فسوفَ ندركُ إدراكاً عميقاً للغايةِ سرَّ فرادةِ المسيحيّة. لطالما اتُّهِمَ المسيحيّون، على مرِّ التّاريخ، بالكبرياءِ والغَطرسةِ بسببِ إيمانِهِمْ بأنّهُمُ الطريقُ الوحيدُ إلى الله، وأنّهُمْ أفضلُ منَ الهندوس ومِنَ المسلمين. دعونا لا ننسى حقيقةَ كونِ يسوعَ مَنْ قال، "... أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي". يرجِعُ السّببُ في ذلك إلى أنّ البشرَ لمْ يروا مِنْ قَبْلُ إلهاً متجسِّداً سِواه. لمْ يظهرْ أيُّ إلهٍ متجسّدٍ يكونُ وسيطاً واحداً بينَ اللهِ والنّاس (تيموثاوس الأولى 5:2). لم يأتِ أيُّ زمانٍ آخرَ صارَ فيهِ اللهُ كفارةً بشريةً عَنْ خطايا جميعِ النّاس. نعمْ، نحنُ منفردونَ بشكلٍ لا يُصدَّق. لا تؤدّي جميعُ الطّرقِ إلى الله، ولكنَّ جميعَ الطّرقِ تؤدّي مباشرةً إلى الجحيم، ما عدا طريقاً واحداً. وهذا ليسَ لأنّنا متكبّرونَ ومتغطْرِسون، ولكنْ لأنَّ هناكَ إلهاً متجسّداً واحداً فقط، وهوَ يسوعُ المسيح، وليسَ هناكَ طريقٌ آخرُ إلى الله.

ب. ينبغي أنْ يكونَ المسيحُ محورَ الكِرازة

النتيجةُ الأخرى التي أودُّ أنْ أذْكرَها هيَ أنّ عقيدةَ التّجسّدِ هذهِ ينبغي أنْ يكونَ لها تأثيرٌ هائلٌ على كرازتِنا. وهذا معناهُ، مِنْ بينِ أمورٍ أخرى، أنّه "لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ". إنْ لمْ يسمعِ النّاسُ الخبرَ السّارَ عَنْ يسوعَ المسيح، سيموتونَ في خطاياهُمْ وسيقْضونَ حياتَهُمْ في الجحيمِ إلى الأبد. لا يوجدُ طريقٌ آخرُ للوصولِ إلى محضرِ الآب. ينبغي أنْ نأخذَ هذا على محملِ الجدِّ، بدءاً مِنْ تقدماتِنا وعطايانا للكنيسة، مروراً بما نقولُهُ لجيرانِنا، وبطريقةِ تحدّثِنا إلى أصدقائِنا. لا يوجدُ طريقٌ آخرُ للوصولِ إلى السّماءِ إلّا مِنْ خلالِ يسوعَ المسيح، الإلهِ المتجسّدِ الوحيد. وهذا يعني أيضاً أنّ كرازتَنا ينبغي أنْ تتمحورَ على اللهِ والمسيحِ بصفةٍ جذرية.

يحبُّ النّاسُ تشتيتَ انتباهِنا. أليس كذلك؟

"ما رأيُك في يسوع؟" "لا أعرفُ إذا كان بإمكاني الإيمانُ بديانةٍ تنادي بأنّ اللهَ يحكمُ على النّاسِ بالجحيم".

"هذه مسألةٌ مهمٌةٌ، ولكنْ ماذا عَنْ يسوع؟" "لستُ متأكداً مِنْ إمكانيةِ الإيمانِ بإلهٍ يقالُ إنّه كُلّيُّ الصّلاحِ والقدرةِ ولكنّهُ يسمحُ بوجودِ الشّرّ".

"هذهِ مسألةٌ مهمٌة، ولكنْ ماذا عَنْ يسوع؟" "لا أستطيعُ أنْ أؤمنَ بالله، فالكتابُ المقدّسُ مليءٌ بالأخطاء".

"هذهِ مسائلُ مهمٌةٌ يمكنكَ الإشارةُ إليها في وقتٍ لاحق. ماذا عَنْ يسوع؟"

ينبغي أنْ تتمحورَ كرازتُنا، وحديثُنا معَ الجيرانِ والأصدقاءِ وزملاءِ العمل، حولَ شخصِ يسوعَ المسيحِ بصفةٍ جذريةٍ لأنَّ هذهِ هيَ المسألةُ المُهمّة.

الجوابُ عَنْ هذا السّؤالِ مِنْ شأنِهِ أنْ يوصِلَ النّاسَ إلى السّماءِ والفردوسِ والمجدِ إلى الأبدِ أو يوصِلَهُمْ إلى الججيمِ إلى الأبد. مَنْ هوَ يسوع؟ إنّهُ اللهُ المتجسّد. وهوَ اللاهوتُ والنّاسوت. ولأنّهُ اللهُ المتجسّدُ الوحيد، فهوَ الطريقُ الوحيدُ إلى اللهِ أو للحياةِ معَهُ إلى الأبدِ في السّماء. عقيدةُ التّجسّدِ ليسَتْ عقيدةً نظريّةً على الإطلاق. أليس كذلك؟ فهي تسودُ وتهيمنُ على حياتِنا وخلاصِنا وتقديمِ الخلاصِ للآخرين. عقيدةُ التّجسّدِ مهمّةٌ عندما يتعلّقُ الأمرُ بالخلاص.

 

  1. الإيمانُ بالتّجسّدِ ضرورةٌ حتميّةٌ للمسيحيّ

السّببُ الثاني الذي يجعلُ عقيدةَ التّجسّدِ ذاتَ أهميةٍ قُصوى هوَ أنّهُ إنْ لمْ تُؤْمنوا بها فأنتُمْ لسْتُمْ مسيحيّين. دعونا نتحدَّثُ عَنِ الحدِّ الأدنى مِنْ مِقدارِ ما نحتاجُ أنْ نشارِكَ بهِ في تقديمِ الإنجيل، بحيثُ يصبحُ الإنسانُ مسيحيّاً عندما يستجيبُ له.

عندما أسألُ النّاس، "ما هوَ الحدُّ الأدنى مِنْ متطلّباتِ الوصولِ إلى السّماء؟"، يقولُ أحدُهُمْ، "لا أحبُّ هذا السّؤال". ألا تحبُّهُ؟ تصوّرْ أنّكَ في محطّةِ حافلاتٍ ولديكَ دقيقتان. بينما ترى الحافلةَ قادمةً، يسألُكَ شخْصٌ ما عَنْ يسوع، وعندها تبدأُ عقارِبُ السّاعةِ في الدّوران. (حدث هذا معي ذات مرةٍ ولم أكنْ أملكُ جواباً). تتزايدُ أهميّةُ هذا السّؤالِ فجأةً معَ اقترابِ الحافلة، أليس كذلك؟ في حينِ أنّ بعضَنا يجلسونَ هنا قائلين، "هذا ليسَ سؤالاً مهمّاً! لا ينبغي لنا أنْ نسألَ هذا السّؤال"، تمرُّ الدقائقُ وتقتربُ الحافلة.

يستوجبُ إيمانُنا المسيحيُّ أنْ نؤمنَ بالتّجسّد. ينبغي أنْ نؤمنَ بالنّاسوتِ الكاملِ للمسيح. يتحدّثُ يوحنّا في يوحنّا الأولى 4 عَنِ التّعليمِ الزائفِ الذي كان سائداً، إذ كان المعلّمونَ الكذبةُ ينكرونَ ناسوتَ المسيح. كانوا يستصعبونَ فكرةَ موتِ الله، ولكنَّ يوحنّا يقولُ في يوحنّا الأولى 2:4-3، "بِهَذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ (بهذا تعرفون إنْ كان المرء مؤمناً): كُلُّ رُوحٍ (أو كل شخصٍ) يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهَذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ".

يقولُ يوحنّا إنّ الإيمانَ بالنّاسوت الكامل ليسوع هوَ أحدُ المعتقداتِ المطلوبةِ ضمنَ سياقِ الحدِّ الأدنى لكونِ المرءِ تابعاً لله. ينبغي على المسيحيّينَ أنْ يؤمنوا أيضاً باللاهوتِ الكاملِ للمسيح، ومِنْ هُنا نعودُ إلى كلمةِ "ربّ". يتحدّثُ بولسُ إلى كنيسةِ روما في رومية 9:10 قائلاً، "لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ". يرد في رومية 9:10 مزجٌ رائعٌ لجانبَيِ التّجسّد: ينبغي أنْ نؤمنَ أنّ اللهَ أقامَهُ مِنَ الأموات، وهذهِ هيَ القيامةُ الجسديّةُ لإنسانٍ حقيقيّ، ولكنْ ينبغي أنْ نعترفَ أيضاً أنّ يسوعَ هوَ الربّ kurios، وبأنّهُ يهوه. وبالتّالي، تتمتّعُ عقيدةُ التّجسُّدِ بأهمّيةٍ بالِغَة.

ح. السُّؤالُ المِحْوريُّ في الحياة

يدورُ السّؤالُ المحوريُّ في الحياةِ حولِ هويّةِ يسوع، ويجبُ أنْ يسودَ على كُلِّ ما نعملُهُ. إذا فَهِمْنا هويّةَ يسوعَ بخلافِ ما فهِمَهُ بطرسُ لها، وبخلافِ ما شرحْتُهُ، فنحنُ مدعوّونَ إلى التّوبةِ كما يقولُ بطرس. نحنُ مدعوّونَ إلى التّوبةِ عَنْ فهمِنا الخاطئِ لهويّةِ يسوع. وعندما نعملُ ذلك، سوفَ نتوبُ بعدَها عَنْ جميعِ معاصينا وذنوبِنا. تدعونا عقيدةُ التّجسّدِ إذا كُنّا نؤمنُ فيها إلى أنْ ندَعَ هذهِ الحقيقةَ تسودُ على كُلِّ ما نعملُهُ، أيْ أنّ يسوعَ لاهوتٌ كاملٌ وناسوتٌ كامل. فجميعُ الطرقِ الأخرى للدِّياناتِ والإخلاصِ والنشاطاتِ الدينيّةِ لا تؤدّي إلّا إلى أبوابِ جهنّمَ لأنّه لا يوجدُ سوى إلهٌ متجسّدٌ واحد، وطريقٌ واحدٌ إلى الله، ووسيلةٌ واحدةٌ للخلاص. الطريقُ المتمثّلُ في الإلهِ المتجسّدِ هوَ الطريقُ الوحيدُ المؤدّي إلى السّماء. ليتَ هذهِ تكونُ دعوتَنا في سياقِ عقيدةِ التّجسّد.