Loading...

الحياةُ رحلةٌ - Lesson 8

أعمال يسوع

صنع يسوع الكثير من الأشياء عندما كان على الأرض، ولكن أعظم أعماله كان الموت على الصليب. ولكن ماذا حدث بالضبط؟ ما الذي تحقّق؟ ماذا يقصد الكتاب المقدّس عندما يتحدّث عن يسوع كونه "حَمَل الله"؟ هل هناك أي شيءٍ يمكن أنْ يساعدني على فهم أهمية موته. هل أنا بحاجةٍ للتذكير بذلك الموضوع بصفةٍ منتظمة؟

Bill Mounce
الحياةُ رحلةٌ
Lesson 8
Watching Now
أعمال يسوع

Lessons
About
Resources
Transcript
  • ألقِ نظرة على تجربة تحوّلك. من المفضّل دائماً أنْ تلقي نظرة على تجربة تحوّلك. ماذا حدث في رأيك عندما صرتَ واحداً من أتباع يسوع المسيح؟ هل هناك شيءٌ لا تستوضحه؟ هل من الممكن أنْ تكون قد أسأتَ فهم أي شيءٍ؟ هل حدث أي شيءٍ لم تكن على معرفةٍ به؟

  • التغيّر الذي يحدث في حياتك. يعني "التحوّل" أنّكَ تحوّلتَ من وضعٍ إلى وضعٍ آخر. لقد تحوّلتَ من شخصٍ عاديّ إلى تلميذٍ ليسوع. يعني هذا أيضاً أنّ الله يعمل الآن في حياتك، ويبدأ في أنْ يجعلك أكثر تشبّهاً بيسوع. هل هذا يدهشك؟ ما الذي حدث بالفعل عندما صرتَ مؤمناً؟ كيف تبدو هذه الحياة الجديدة لك كواحدٍ من أتباع يسوع؟ هل تتغيّر حياتي تلقائياً؟

  • سوف تعثر في مسيرتك الجديدة مع الله على الرغم من أنّ قوة الله تعمل فيك، وتساعدك لتصبح أكثر تشبّهاً بيسوع. ليس المقصود من هذا انتزاع فرحك بإيمانك الجديد، بل إعدادك لفرح النمو الروحيّ الذي ينتظرك. يعرف الله هذا ولن يفاجئه الأمر، فهذا لن يؤثر سلباً على تعهّده معك. ما معنى "الخطيّة"؟ هل التجربة خطيّة؟ كيف ستخبر الله أنّك أخطأت وأنك آسف؟ هل يغفر؟ هل يمكنك أنْ تطهر؟

  • التواصل عنصرٌ حاسم في أية علاقةٍ، وهو ينطوي على كلٍ من الاستماع والتحدّث. كلّمنا الله بطريقتين أساسيتين، من خلال الخليقة ومن خلال كلمته، أي الكتاب المقدّس. ما معنى مفاهيم "الوحي"، و"السلطان"، و"القانونيّة"؟ هل يمكن أنْ نثق بالكتاب المقدّس؟ كيف أستمع إلى الله فيما أقرأ كلمته؟ هل من المفترض أنْ أفعل أي شيءٍ بعد قراءته؟

  • لا يتطلّب التواصل السليم مجرّد الاستماع بل التحدّث أيضاً. الصلاة ببساطة هي الحديث مع الله، عن أي شيءٍ وكل شيءٍ. الله هو أبونا الجديد، وهو يريد أنْ يسمع صوتك. كيف تصلّي؟ ما الذي تصلّي من أجله؟ ماذا لو كانت لديّ صعوبة في الاستماع إلى صوته؟

  • عندما صرتَ مؤمناً فهمتَ بعض الأمور عن الله. ولكن هل تعلم أنّه يعرف كل شيءٍ؟ وأنه حاضرٌ في كل مكانٍ؟ وأنّه قادرٌ على كل شيءٍ؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه معرفة الله غير المحدودة؟ ما معنى العبادة؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه ما نعرفه عن الله؟

  • يسوع هو أشهر شخصيّة عرفها التاريخ. يفوق تأثيرُه على مجريات تاريخ العالم تأثيرَ أيِّ زعيمٍ آخر أو فلسفةٍ أو حركةٍ سياسيّة. يعرف كثيرٌ من الناس هذا الاسم، ولكن منْ هو؟ ماذا قال عن نفسه؟ ماذا قال أتباعه عنه؟ وما هو مغزى وأهمية هذه الأسئلة وأجوبتنا؟

  • صنع يسوع الكثير من الأشياء عندما كان على الأرض، ولكن أعظم أعماله كان الموت على الصليب. ولكن ماذا حدث بالضبط؟ ما الذي تحقّق؟ ماذا يقصد الكتاب المقدّس عندما يتحدّث عن يسوع كونه "حَمَل الله"؟ هل هناك أي شيءٍ يمكن أنْ يساعدني على فهم أهمية موته. هل أنا بحاجةٍ للتذكير بذلك الموضوع بصفةٍ منتظمة؟

  • يؤمن المسيحيون بالتوحيد، فنحن نؤمن بإلهٍ واحد. نؤمن أيضاً بالثالوث، أي أنّنا نؤمن بثلاثة "أقانيم" للثالوث: الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس. من هو الأقنوم الثالث في الثالوث؟ ما هو عمله في الواقع؟ ما هو دوره المستمرّ في حياتي؟ ما معنى قيادة الروح القدس لي وتمكينه إياي؟ هل ينبغي عليّ عمل أي شيءٍ، أم أنّه يتولّى عمل كل شيءٍ؟ كيف يمكن أنْ يكون حالنا لولا عمل الروح القدس؟

  • عندما صرتَ مؤمناً بدأتَ في السير مع الله. هذه عمليةٌ مستمرة يوماً بيومٍ تفقد فيها الخطيّة سطوتها على حياتك تدريجياًّ وتصير أكثر تشبّهاً بيسوع. ولكن بعض الأيام تكون أصعب من غيرها، وخصوصاً عندما تأتي الأوقات العصيبة. لماذا تحدث هذه "الأشياء السيّئة"؟ هل يمكنني الاحتفاظ ببعض جوانب نفسي بعيداً عن الله إذا كان ذلك يساعدني على تجنّب الألم؟ هل هناك أيّة عواقب للسماح للخطيّة بالدخول في بعض جوانب حياتي؟ ما معنى أنْ يكون يسوع هو "المخلّص" و"الربّ"؟

  • عندما نصير أولاداً لله ، نصبح أفراد عائلة جديدة لها أبٌ جديد وأخوات وإخوة جدد ووطنٌ جديد. كيف أتواصل مع هؤلاء الناس؟ هل أنا بحاجةٍ لقضاء بعض الوقت معهم؟ هل هذه مهمةٌ سهلة أم صعبة؟ كيف يمكن أنْ تساعدني الكنيسة الأولى على فهم هذه الموضوعات؟ كيف تبيّن محبتي لله نفسها للآخرين؟

  • ينبغي على التلاميذ تلمذة المزيد من التلاميذ. هذه واحدةٌ من أسعد التجارب في حياتك فيما تشارك الآخرين كيف أحياك الله، وسوف يفعل الشيء نفسه لأصدقائك، وجيرانك، وغيرهم. ليست هذه عمليّة مخيفة، ولكنها طبيعيّة في الواقع للأشخاص الذين تغيّروا ويعيشون حياة متغيّرة. كيف سيستجيب الناس لك؟ ما هي "الشهادة الشخصيّة"؟ كيف أخبر الناس أنّ بإمكانهم أيضاً أنْ يكونوا تلاميذاً ليسوع؟ ماذا لو لم أعجبهم؟

Arabic

مدة منهجنا 12 أسبوعاً، وهو يوجّه الطلّاب في الاتجاه الصحيح، ويشجّع المؤمنين الناضجين على إرشادهم. ومن المعتاد أن يتفاعل الطالب مع المقطع الكتابيّ خلال الأسبوع، ونشجّعه لكي يبدأ في كتابة تأملاته، والصلاة، وحفظ النصوص الكتابية عن ظهر قلب. ثم يستمع الطالب والمرشد كلاهما إلى حديث مدّته ثلاثون دقيقة وتوجد معه ملاحظات دراسية، وبعدها يعملان على الإجابة عن الأسئلة التأملية ويبقى لديهما يومان للتأمل بما تعلّماه.

ويتم النسخ ويمكن تحميلها (انظر إلى اليمين) . ونحن نعمل على المصنف والصوت.

الدَّرْسُ الثّامِنُ ■ مَعْرِفَةُ المزيدِ عَنْ أَعْمالِ يسوع

 

تَرِدُ في العهدِ الجديدِ شخصيّةُ يوحنّا المعمدان، ويا لها مِنْ شخصيةٍ رائعة! كان مِنْ ضِمْنِ مَهامِّهِ تمهيدُ الطريقِ لمجيءِ يسوع. عندما رأى يوحنّا يسوعَ مُقبِلاً، هتفَ قائلاً، "هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ" (يوحنّا 29:1). هذهِ الآيةُ بالغةُ الأهميّةِ إذا أردْنا أنْ نفهمَ ما عَمِلَهُ يسوعُ على الصّليب. المصطلَحُ اللاهوتيُّ المُرادِفُ لما عَمِلَهُ يسوعُ على الصّليبِ هوَ الكفّارة، وهذا ما حدثَ بالفعلِ عندما ماتَ حَمَلُ اللهِ على الصّليبِ، ورفعَ خطيّةَ العالم.

أ. يسوعُ حَمَلُ الله

عندما يدعو يوحنّا يسوع حَمَلاً، فإنّهُ يشيرُ إلى يسوعَ على أنّهُ حَمَلُ الذبيحةِ، إذْ كان على وشكِ أنْ يُقدَّمَ كذبيحةٍ. ليسَ هناكَ أفضلُ مِنْ سفرِ اللّاويينَ في العهدِ القديمِ لفهمِ هذهِ القضيّة. يتخصّصُ سفرُ اللّاويين في شرحِ قداسةِ الله، وإثمِ البشرِ جميعاً، وعلى وجهِ التّحديد، كيفيّةِ تعامُلِ اللهِ مَعَ غُفرانِ الخطيّة.

افتَحْ كتابَكَ المُقدّس، مِنْ فضلِكَ، على الفصلِ الأوّلِ مِنْ سفرِ اللّاويين. يدورُ سيناريو القصّةِ حولَ شخصٍ أخطأ، وينبغي عليهِ أنْ يقدّمَ ذبيحةً لينالَ الغفرانَ عَنْ خطيّتِهِ. المُهمُّ هُنا هوَ كيفيّةُ تقديمِ الذّبيحة. تَرِدُ هُنا مجموعةٌ مِنْ بيْنِ عدّةِ مجموعاتٍ منَ التّعليماتِ المُرتبِطةِ بعملِ ذلك. يقولُ سفرُ اللّاويين 10:1-13، "وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ (أي قربان الخاطئ) مِنَ الْغَنَمِ الضَّأْنِ أَوِ الْمَعْزِ مُحْرَقَةً، فَذَكَرًا صَحِيحًا (أفضل ما لديه) يُقَرِّبُهُ. وَيَذْبَحُهُ عَلَى جَانِبِ الْمَذْبَحِ إِلَى الشِّمَالِ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَرُشُّ بَنُو هَارُونَ الْكَهَنَةُ دَمَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. وَيُقَطِّعُهُ (الخاطئ) إِلَى قِطَعِهِ، مَعَ رَأْسِهِ وَشَحْمِهِ. وَيُرَتِّبُهُنَّ الْكَاهِنُ فَوْقَ الْحَطَبِ الَّذِي عَلَى النَّارِ الَّتِي عَلَى الْمَذْبَحِ. وَأَمَّا الأَحْشَاءُ وَالأَكَارِعُ فَيَغْسِلُهَا بِمَاءٍ، وَيُقَرِّبُ الْكَاهِنُ الْجَمِيعَ، وَيُوقِدُ عَلَى الْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ، وَقُودُ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ". هذا وصْفٌ تصويريٌّ رائعٌ لطريقةِ غُفرانِ خطايا الشّعبِ في العَهْدِ القديم، إلّا أنَّ الهدفَ الجوهريَّ لسِفْرِ اللّاويينَ هوَ مساعدَتُنا على فهْمِ مَعْنى كونِ يسوعَ هوَ حَمَلُ الله، أي حَمَلُ الذّبيحة.

ب. مَبْدَآن

يَرِدُ مَبْدآن على الأقلِّ في هذا المقطعِ مِنْ سفرِ اللّاويين مباشرةً في تصريحِ يوحنّا المعمدانِ لمساعدَتِنا على الفهم. المبدأُ الأوّلُ هوَ أنّهُ عندما ننظرُ في سفرِ اللّاويينَ نفهمُ أنّ الخطيّةَ ضدَّ اللهِ القدّوسِ مسألةٌ خطيرةٌ للغاية، وهذا أمرٌ واضحٌ جدّاً، أليسَ كذلك؟ الخطيّةُ ضدَّ اللهِ عقوبتُها الموت. يمكنُنا أنْ نتصوّرَ الذّهابَ إلى المذبحِ وشقَّ عُنُقِ حيوانٍ، ثمّ تقطيعَهُ إلى قِطَعٍ. يمكنُنا أنْ نفهمَ المغزى العميقَ مِنْ هذا الفعل، أليسَ كذلك؟ الخطيّةُ رديئةٌ حقاً وعقوبَتُها الموت.

المبدأُ الثّاني الذي نستمِدُّهُ مِنْ سفرِ اللّاويين، ولا يقلُّ أهمّيةً عَنِ المبدأِ الأوّلِ، هوَ أنَّ اللهَ رحومٌ. ومِنْ هذا المنطَلَقِ، سوفَ يقبلُ موتَ بديلٍ بِلا خطيّةٍ عِوَضاً عَنِ الإنسانِ الخاطئ، وسوفَ يغفرُ خطايانا. الخطيّةُ كريهةٌ وفظيعةٌ لدرجةِ أنّها تستوجِبُ الموت، ولكِنَّ اللهَ سيقبلُ برحمَتِهِ موتَ بديلٍ بِلا خطيّةٍ عِوَضاً عنّا. يساعِدُنا هذانِ المبدآنِ على فهمِ معنى كونِ يسوعَ هوَ حَمَلُ الله.

هذا معناه حتميّةُ عقوبةِ خطايانا. يقولُ بولسُ لكنيسةِ روما، "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ". نفهَمُ أيضاً أنَّ اللهَ برحمتِهِ سيقبَلُ موتَ يسوعَ عوضاً عنّا، ولهذا السّببِ يطلِقُ اللّاهوتيونَ في بعضِ الأحيانِ على هذا الموتِ اسمَ "الكفّارةِ البديلة". الكفّارةُ هيَ ما أتمَّهُ يسوعُ على الصّليبِ إذْ صارَ بديلاً عنّا، والذبيحةُ التي بِلا خطيّةٍ، والمقدّمةُ عنّا بديلاً عَنْ موتِنا. كان إشعياءُ النبيُّ يتحدَّثُ عَنْ هذا في الفَصْلِ 53 مِنْ سفرِهِ الذي كتبَهُ قبلَ 700 سنةٍ مِنْ زمانِ المَسيح. كان إشعياءُ يَعلَمُ أنَّ يسوعَ سيأتي ويموت. كان يعلمُ أنّ يسوعَ سيموتُ بديلاً عَنْ خطايانا، ولذلك يَكتبُ في إشعياء 5:53-6، "وَهُوَ (يسوع) مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ (الله الآب) وَضَعَ عَلَيْهِ (يسوع) إِثْمَ جَمِيعِنَا".

يسوعُ هوَ حَمَلُ الله. تستوجِبُ خطايانا الموت، إلّا أنّ اللهَ برحمتهِ دبّرَ ذبيحةً طاهرةً بديلةً لتسديدِ عقوبةِ خطايانا. ولهذا السّببِ يستطردُ يوحنّا المعمدانُ قائلاً، "هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ". رفعَ اللهُ خطيّتَنا عنّا على الصّليب، ووضعَها على يسوع. يقولُ بولسُ لأهلِ كورنثوس، "لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ". رُفِعَتْ عنّا خطيتنا، ووُضِعَتْ على يسوع. جُعِلَ يسوعُ خطيّةً لأنّهُ عاشَ حياةً بلا خطيّة، وبالتّالي، كانَتْ ذبيحتُهُ كاملةً عَنْ خطايانا.

ج. نتيجتان

أعلمُ أنّ هذا العَرْضَ مراجعةٌ سريعةٌ لأنّنا تحدَّثْنا عَنْ موضوعاتِ التّحوّل عندما بدأْنا هذهِ السّلسلة. ومعَ ذلك، هناكَ نتيجتانِ مِنَ المهمِّ جدّاً التّركيزُ عليهِما عندما نقولُ إنّ يسوعَ هوَ حَمَلُ اللهِ الذي يرفعُ خطيّةَ العالم.

 

  1. "حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ..."

النتيجةُ الأولى هيَ أنّهُ لا أحدَ سوى حَمَلِ اللهِ يمكنُهُ أنْ يرفعَ الخطيّة. يسوعُ وحدَهُ هوَ الذبيحةُ المقبولةُ لتسديدِ عقوبةِ خطايانا. لا تُرفَعُ الخطيّةُ لكونِ المرءِ مُسْلِماً صالحاً. ولا تُرفَعُ الخطيّةُ لكونِ المرءِ هِنْدوسيّاً صالحاً. ولا تُرفَعُ الخطيّةُ إذا كان المرءُ بوذيّاً صالحاً أو معمدانيّاً. ولا تُرفَعُ الخطيّةُ إذا كان المرءُ طيبّاً أو متديِّناً. ولا تُرفَعُ الخطيّةُ إذا أدّى المرءُ طقوساً معيّنةً مثلَ حضورِ الكنيسةِ أوْ الاعترافِ للكاهِنِ أوْ نوالِ المعموديّة.

لا يرفَعُ الخطيّةَ سوى حَمَلِ اللهِ لأنَّ حَمَلَ اللهِ وحدَهُ كان بلا خطيّة، وكان ذبيحةً بديلةً عَنْ خطايانا. يقولُ يسوع، "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي". ويقولُ بطرسُ في سفرِ أعمالِ الرّسل 4، "وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ". يسوعُ هو حَمَلُ اللهِ الوحيد، وحَمَلُ اللهِ وحدَهُ هو الذي يُمكنُهُ أنْ يرفَعَ الخطيّة.

يُعَدُّ مفهومُ التّأكيدِ المطلقِ هذا على الفرادةِ والحصريّةِ مفهوماً مركزيّاً بلا ريبٍ وغيرَ قابلٍ للتفاوضِ في مشاركتِنا للإنجيل، ويتعارضُ تماماً معَ الثقافةِ الأميركيّة. لا يتعارضُ هذا المفهومُ معَ الكثيرِ مِنَ الثقافاتِ الأخرى، ولكنّهُ يتعارضُ معَ ثقافتِنا. ينصَبُّ دورُنا كمؤمنينَ جددٍ على مقاومةِ هذا التيّارِ عنْ قريبٍ جداً، إنْ لمْ نكنْ قدْ بدأْنا ذلكَ بالفِعْل. سوفَ يُخبِرُنا أصدقاؤنا وَزُملاؤنا في العملِ أنّ الحقيقةَ المُطلَقةَ مِنْ ضربِ الخيال. سيقولون، "فكرةُ الحقِّ والباطلِ لا وجودَ لها". "مفهومُ الصّوابِ والخطأِ لا وجودَ لهُ". "كلُّ شيءٍ نسبِيٌّ". "الحقيقةُ التي تؤمنونَ بها صحيحةٌ مثلُ الحقيقةِ التي نؤمنُ بها، وهذا أمرٌ سليمٌ لأنّ الحقيقةَ التي نؤمنُ بها ربّما تتغيّرُ بينَ الصّباحِ والظّهيرة. لا بأس، فالحقيقةُ المطلقةُ غيرُ موجودةٍ".

تطلّعوا إلى أولئكَ الناسِ بروحِ الصّلاةِ ثمَّ قولوا، "لا، هناكَ طريقٌ واحدٌ لغفرانِ الخطيّةِ لأنَّ حَمَلَ اللهِ واحِدٌ، وهوَ الّذي رفعَ خطيّةَ العالم". سوفَ نسمعُ مَنْ يقولونَ إنّ كلَّ الطُّرقِ تؤدّي إلى السّماء. وجوابُنا على هذا، "لا، بلْ كلُّ الطرقِ تؤدّي إلى الجحيمِ إلّا طريقاً واحداً". لا يعودُ جوابُنا هذا لعجرفتِنا ولكنْ لأنّ حَمَلَ اللهِ واحِدٌ، وهو الإلهُ المتجسّدُ الواحدُ الذي تعاملَ معَ الخطيّةِ، ولأنَّ الذبيحةَ المقبولةَ واحدةٌ، ومِنْ ثمَّ هناكَ طريقٌ واحِدٌ لرفعِ الخطيّة. حَمَلُ اللهِ وحدَهُ هوَ الذي يمكِنُهُ أنْ يرفَعَ الخطيّة.

 

  1. "خَطِيَّةَ الْعَالَمِ"

النتيجةُ الثانيةُ مستترةٌ في تعبيرِ "خَطِيَّة الْعَالَمِ". "هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ". فحَمَلُ اللهِ يرفعُ خطيّةَ العالمِ بأسرِه. يخبرُنا يوحنّا في رسالتِهِ أنّ يسوعَ هوَ الكفّارةُ أو الذبيحةُ الكفاريّةُ حسبَ "التّرجمةِ الدوليّةِ الجديدة NIV"، ليسَ عَنْ خطايانا فقطْ بلْ عَنْ خطايا العالمِ كلِّه. موتُ يسوعَ كافٍ، وهذا هوَ المُهمّ. موتُ يسوعَ كافٍ لسَتْرِ خطيّةِ العالمِ بأكمله، لأنّ جميعَ مَنْ يطلبونَ الغفرانَ سينالونَهُ.

التّعبيرُ اللاهوتيُّ الذي يصفُ هذهِ المسألةَ هوَ "كفايةُ الصّليب"، وهوَ تعبيرٌ في منتهى الأهميّة. تعليمُ عقيدةِ كفايةِ الصّليبِ هوَ أنَّ عملَ يسوعَ على الصّليبِ كافٍ لرفعِ خطيّةِ كُلِّ مَنْ يُؤمن. يُمكنُ التّأكيدُ مِنْ زاويةٍ مختلفةٍ على ذلكَ بأنَّ يسوعَ استوفى جميعَ المتطلّباتِ الضّروريّةِ لرفعِ خطيَّتِنا. لا يحتاجُ يسوعُ إلى مساعدتِنا، أوْ مساعدةِ الكهنة، أوْ مساعدةِ الكنيسة. كان عملُ يسوعَ على الصّليبِ كافياً إذ قدّمَ الذبيحةَ الكافيةَ ليسْتُرَ خطايا جميعَ مَنْ سيطلبونَ الغُفران.

 

أ. قَدْ أُكْمِلَ!

تتضِّحُ عقيدةُ كفايةِ الصّليبِ هذهِ وضوحاً تاماً في الكتابِ المقدّسِ بطريقتينِ مُختلفَتَيْنِ على الأقل. الطّريقةُ الأولى هيَ كلماتُ يسوعَ الأخيرةُ على الصّليب. نؤمنُ أنّهُ عندما حمَلَ يسوعُ عقوبةَ خطايانا، أوْ بمعنى أدقَّ حملَ خطايانا، وعندما جُعِلَ خطيّةً، تركَهُ محضرُ اللهِ الآبِ للمرّةِ الأولى منذُ الأزل. صرخَ يسوعُ على الصّليبِ قائلاً، "إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟" "متى سينتهي هذا؟" "متى سأكونُ قدْ سدّدْتُ عقوبةَ كُلِّ هذهِ الخطايا؟" عندما أدركَ يسوعُ أنّهُ سدّدَ العقوبةَ وأكملَ مهمّتَهُ، صرخَ قائلاً، "قَدْ أُكْمِلَ". وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ".

عندما قالَ يسوعُ، "قَدْ أُكْمِلَ"، كانَ يقصُدُ بالضّبْطِ ما قالَهُ. لوْ سألناهُ، "ما الذي أكملْتَهُ، يا يسوع؟" لأجابَنا، "أكمَلْتُ العملَ الذي أرسلني أبي مِنْ أجله". ولَوْ سألناهُ، "ماذا كان العملُ الذي أُرْسِلْتَ لتعملَهُ؟"، لأجابَ كما قالَ في يوحنّا 40:6، "لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الاِبْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ". عندما صرخَ يسوعُ قائلاً، "قَدْ أُكْمِلَ"، كان يقصُدُ، "عملي يكفي لكيْ أقدِّمَ الحياةَ الأبديّةَ لكُلِّ مَنْ يؤمنُ بي. كلُّ مَنْ يؤمنُ بي سيقومُ في يومِ الدينونةِ ليقضيَ الأبديّةَ معَ أبي ومعَ إخوتِنا وأخواتِنا في السّماء. قَدْ أُكْمِلَ! لقد عمِلْتُ ما لا يُمكنُ لأحدٍ غيري أنْ يعملَهُ، وعمِلْتُ كلَّ ما كنتُ بحاجةٍ لعملِهِ حتّى إنْ آمنْتُم بي ستُغفَرُ خطاياكم". يا لَهُ مِنْ تصريحٍ بليغ!

 

ب. انْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ

المعنى الآخرُ لكفايةِ الصّليب، وأظنُّ أنّه المفضّلُ لديّ، هو حقيقةُ انشقاقِ حجابِ الهيكلِ أيْ ستارتِهِ عندما ماتَ يسوع. يوجَدُ قِسْمٌ في الهيكلِ يُسمّى قدسَ الأقداس، وهوَ مكانُ حلولِ الله، أيِ المكانُ الأكثرُ قداسةً. لمْ يكُنْ يدخُلُهُ سوى رئيسُ الكهنةِ مرةً واحدةً في السّنة، لأنّهُ بذلكَ كانَ يدخلُ إلى مَحْضَرِ اللهِ نفسِهِ. نعلمُ منَ المصادِرِ العلمانيّةِ أنّ سماكَةَ الحجابِ الفاصلِ بينَ قُدْسِ الأقداسِ وبقيّةِ الهيكَلِ كانَتَ تبلغُ 15 سم. كانَتْ لهذا الحجابِ أهميّةٌ قُصْوى لأنه يمثّلُ محضرَ اللهِ على الجانبِ الآخَرِ مِنْه، كما يمثّلُ انفصالَنا عَنِ اللهِ إذْ نقِفُ على هذا الجانِبِ مِنَ الحِجاب. لمْ يَكُنْ بِمقدورنا أنْ ندخلَ مباشرةً إلى محضَرِ اللهِ الآب.

عندما ماتَ يسوع، كانَ موتُهُ كافياً لرفْعِ خطيّةِ العالم، ولضمانِ الوُصولِ المُباشرِ إلى اللهِ الآبِ ولكشفِ أنّ اللهِ شقَّ ذلكَ الحجابَ مِنْ أعلى إلى أسفل. يمكنُنا الآن الدّخولُ مباشرةً إلى محضرِ اللهِ لأنّ يسوعَ أكملَ جميعَ المتطلّباتِ الضّروريّةِ ليهبَنا الغفرانَ الكامِلَ عَنْ خطايانا، مِمّا يجعلُنا قادرينَ على الدّخولِ إلى محضرِ الله. انشقَّ ذلكَ الحجابُ مِنْ أعلى إلى أسفلُ كما تعلمون، ولمْ يكُنِ الشّقُّ جزئيّاً بل كُليّاً. لماذا؟ لأنّ موتَ يسوع كان كافياً لرفْعِ خطيّةِ العالمِ بأسرِهِ.

 

ج. شقّ الحجاب

مِنَ التَّعقيباتِ المؤسفةِ عَنْ حياةِ الإنسانِ أنَّ قادةَ الدّينِ ظلُّوا مشغولين، منذُ ذلكَ الحين، محاولينَ خِياطةَ ذلكَ الحِجابِ لإعادتِهِ كما كان. يقولُ قادةُ الدِّينِ في مُعظمِ الأَحيانِ، "لَمْ يَكُنْ موتُ يسوعَ كافياً إذ لمْ يُكْملِ المهمّةَ بما فيهِ الكفاية. علينا أنْ نساعدَ يسوعَ إذا أردْنا أنْ ننالَ الغفرانَ ونوجدَ في محضر الله". يُحِبُّ قادةُ الدّينِ أنْ يُضيفوا طقوساً دينيّةً على الخلاصِ قائلين، "يمكنُنا عملُ بعضِ الأُمورِ حتّى يرضى اللهُ عنّا، مثلَ طرقِ أبوابِ المنازل، والشّهادةِ عَنْ يهوه، فبهذا نكونُ قدْ أكملْنا شقَّ الحِجابِ ونِلْنا غُفرانَ الخطايا".

سمِعْتُ رجُلاً يقولُ إنّه طَرَقَ أكثر مِنْ 70 ألفَ بابٍ عندما كانَ مِنْ أتباعِ شهودِ يهوه، ثم صارَ مؤمناً. كان يقولُ إنّ المشكلةَ تتمثّلُ في عددِ الأبوابِ التي يجبُ عليهِ أنْ يطرُقَها، فربّما كان العددُ المطلوبُ هو 71 ألفَ بابٍ! لم يكنْ يؤمنُ أنّ موتَ يسوعَ كافٍ، فلجأَ لمساعدةِ اللهِ لنوالِ رضاهُ مِنْ خلالِ طقوسٍ دينيّةٍ أو الشّهادةِ ليهوه: أي لخياطةِ الحِجابِ بأسرَعِ ما يُمكن. ربّما تسمعونَ بعضَ قادةِ الدّينِ يقولونَ لكُمْ، "لا يُمكِنُكُمُ المجيءُ إلى محضرِ الله". أو "حجابُ الهيكلِ هذا لمْ ينشقَّ بأكملِهِ". أو "إذا أردْتُمُ الاعترافَ بخطاياكم، فلا يجبُ أنْ تعترفوا للهِ بلْ للكاهن". أو "لا يمكنِكُمُ المثولُ في محضرِ اللهِ على الإطلاق".

الأسوأُ مِنْ ذلك، يقولُ بعض قادةُ الدّينِ إنَّ الصّليبَ لمْ يكُنْ كافياً، وإنّ موتَ يسوعَ لمْ يكُنْ كافياً، وعلينا بالتّالي أنْ نستمرَّ في قتلِ يسوعَ كلَّ يومٍ في القُدّاس. يقولُ ابنُ أخي الذي يشترِكُ في خِدمةِ القدّاس، "حانَ الوقتُ لتقديمِ الذّبيحة". إنّهُ يفهمُ تماماً أنّهُمْ يظنّونَ أنّهُمْ يقتلونَ يسوعَ في كُلِّ قدّاسٍ. نحنُ نتدخَّلُ بصراحةٍ في عمَلِ المسيحِ عندما نلجأُ لهذهِ الطّرق. نقولُ، "لا يا يسوعُ، فأنتَ لمْ ترفعْ خطيّةَ العالم"، "لا، لمْ يكنْ عملُكَ على الصّليبِ كافياً ليضمَنَ لنا الغفرانَ والوصولَ الكامِلَ إلى الله".

يقولُ الكتابُ المقدّسُ إنّ يسوعَ ماتَ بصفتِهِ حَمَلَ الله. إنّهُ يرفَعُ خطيَّةَ العالمِ وحدَهُ، وليسَ بأحدٍ غيرِهِ غفرانُ الخطايا. أكملَ يسوعُ كلَّ ما كان ينبغي القيامُ به، فَعَمَلُهُ على الصّليب يكفي لرفعِ خطيّةِ العالمِ بأكملِه. تنطبِقُ هذهِ الحقيقةُ علينا الآن مِثلما كانَتْ تنطبقُ علينا عندما آمنّا. مِنَ المهمِّ أنْ يفهمَ النّاسُ، عندَما نقدِّمُ الإنجيلَ لهُمْ، أنّ الطريقَ الوحيدَ إلى الآبِ هوَ مِنْ خلالِ الابن. وعندما نصِلُ لمسألةِ التّحوّل، مِنَ المهمِّ أنْ نفهمَ أنّ "يسوعَ سدّدَ الدّيونَ ولهُ أنا مديونٌ" كما يقول كاتبُ التّرنيمة.

نتعرّضُ بمرورِ الأيّامِ لنسيانِ تفرُّدِ الصّليبِ وكفايتِهِ، وتلكَ الحقيقةُ تنطبِقُ علينا نحنُ أولادَ الله. ربّما يُجرَّبُ المرءُ بهذا الفكرِ فيقول، "نعَمْ، صرْتُ مُؤْمِناً مِنْ خلالِ عمَلِ يسوعَ على الصّليب، ولكنْ هناكَ طرقٌ أُخرى لنوالِ غفرانِ الخطيّة". منَ السّهل أنْ يخطر على بالنا، ونحنُ نتابعُ مسيرتَنا المسيحيّة، أنّ اللهَ بحاجةٍ إلى المساعدة، إلا أنّ الصّليبَ كافٍ، سواءً في وقتِ التّحوّلِ أو في مسيرتِنا كمؤمنين. علينا ألّا نفقدَ الرجاءَ الذي تمسَّكْنا به قبلاً، بأنّ "يسوعَ سدّدَ الدّيونَ ولهُ أنا مديونٌ". هذه هيَ عقيدةُ الكفّارة- أي ما عمِلَهُ يسوعُ على الصّليب- ولكنَّ الكفّارةَ لا تفيدُ شيئاً ما لمْ نستَجِبْ لها.

د. ينبغي علينا الاستجابةُ للكفَّارة

نحنُ لا نؤمن بعقيدة الشّمولية، أي أنّنا لا نؤمنُ بأنّ موتَ يسوعَ سدّدَ العقوبةَ عَنْ جميعِ البشرِ وبالتّالي سيذهبُ جميعُ البشرِ تلقائياً إلى السّماء. لمْ تكُنِ العقيدةُ المسيحيّةُ هكذا البتّة، فطالما طالبَتْنا العقيدةُ المسيحيّةُ بالاستجابةِ لرسالةِ الصّليبِ والاستجابةِ للكفّارة. تقولُ بشارةُ يوحنّا 40:6، "لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الاِبْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ". عندما كان بطرس يلقي عِظَتَهُ الرائعةَ في سفرِ أعمالِ الرّسل 2، سألَهُ السّامعون، "مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟" لمْ يُجِبْهُمْ قائلاً، "لا شيء! فيسوعُ سدَّدَ ثمنَ خطيّةَ جميعِ البشرِ ليذهبَ جميعُ البشرِ تلقائياً إلى السّماء". لم يقُلْ بطرسُ ذلك، لكنّه قال، "استجيبوا لخبرِ يسوعَ المسيحِ السّارِ على الصّليب. توبوا واعتمدوا".

يقولُ بولسُ لكنيسةِ أفسس، "لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ". النِّعمةُ هي عطيةُ الحَمَلِ مِنْ لَدُنِ الله، والإيمانُ هوَ استجابَتُنا اللازمة، أي إيمانُنا بأنّ يسوعَ هوَ حَمَلُ اللهِ وبأنّهُ وحدَهُ سدّدَ عقوبةَ خطايانا تسديداً كاملاً. أمّا التّحوّلُ فهوَ خطوةٌ حاسمة، أليسَ كذلك؟ ينطوي التّحوّلُ على أهمّيةٍ بالغةٍ لأنّهُ لا أحدَ يولَدُ مسيحيّاً. لا أحدَ يذهبُ تلقائياً إلى السّماءِ لأنّهُ عُمِّدَ وهوَ رضيعٌ. كانتْ أمّي شابّةً مسيحيّةً عندما وُلِدْتُ، وأصرَّتِ الكنيسةُ أنْ تُعمِّدَني. لجأَتْ أمّي للتّهديدِ بمقاضاتهم إذا لمسَتْ قطرةٌ واحدةٌ مِنَ الماءِ رأسَ طفلِها، لأنّ معموديةَ الأطفالِ لا تؤدّي سوى لإرباكِ النّاس. لا توجَدُ خطّةٌ عائليّة، فلا أحدَ يذهبُ إلى السّماءِ بفضلِ أمِّهِ أوْ أبيه أو إخوتِهِ أو أخواتِهِ أو أعمامِهِ أو أخوالِهِ أو عمّاتِهِ أو خالاتِه. ينبغي على كُلِّ واحدٍ منّا أنْ يستجيبَ لرسالةِ الكفّارةِ مِنْ أجلِ نوالِ غفرانِ الخطايا.

هـ. التَّناوُل

في الكتابِ المقدّسِ أداةٌ تعليميّةٌ رائعةٌ تساعِدُنا على فهمِ عظمةِ الكفّارة، كما أنّها وسيلةٌ جيّدةٌ تذكِّرُنا بجميعِ تفاصيلِ الكفّارة. وهذهِ الأداةُ التّعليميّةُ هيَ التّناوُل. تُطلِقُ بعضُ الكنائسُ أسماءً أخرى على التّناول: فبعضُها تسمّيهِ العشاءَ الرّبانيّ، وبعضُها تسمّيهِ الأفخارستيا، وهما تعبيرانِ مختلفانِ لوصفِ الشّيءِ نفسِه. التّناولُ فريضةٌ، وهو واحدٌ مِنْ فريضتَيْنِ قدَّمَهُما يسوعُ لنا، إذْ قدّمَ لنا المعموديّةَ والتّناول. التّناولُ هو أحدُ الفرائضِ الجيّدةِ لأنَّ الهدفَ مِنْهُ هوَ أنْ يعلِّمَنا عَنْ طبيعةِ الكفّارة ويذكِّرَنا بها.

  1. مِصْر، عامَ 1400 قبلَ الميلاد

باختصارٍ شديد، عندما كانتِ الأمّةُ اليهوديّةُ مُستعبَدةً في مصرَ في العام 1400 قبلَ الميلادِ تقريباً، أنقذَ اللهُ شعبَهُ المختارَ بسلسلةٍ مِنَ الضّرباتِ صارَتْ معروفةٌ باسمِ الخُروج، أيْ خلاصِ شعبِ إسرائيلَ مِنَ العُبوديّةِ وخُروجِهِ مِنْ مصر. ينظرُ اليهودُ إلى الخروجِ بصفتِهِ أعظمَ عملٍ مِنْ أعمالِ الخلاصِ في التّاريخِ الواقعيّ، ولهُمُ الحقُّ في ذلك. نقرأُ في سفرِ الخروجِ 12 التّعليماتِ التي أعطاها الله لأولادِهِ مِنْ أجلِ الاستعدادِ للضّربةِ العاشرةِ التي كانَتْ أفظعَ الضّربات. سوف أتخطّى بعضَ الآياتِ وأستعرِضُ لكُمُ التّعليماتِ المذكورةَ بدءاً مِنْ خروج 3:12، "يَأْخُذُونَ لَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ شَاةً بِحَسَبِ بُيُوتِ الآبَاءِ، شَاةً لِلْبَيْتِ. وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا عَنْ أَنْ يَكُونَ كُفْوًا لِشَاةٍ، يَأْخُذُ هُوَ وَجَارُهُ الْقَرِيبُ مِنْ بَيْتِهِ بِحَسَبِ عَدَدِ النُّفُوسِ. (كانوا يريدونَ التّأكّدَ مِنْ وجودِ عددٍ مُناسبٍ منَ الأشخاصِ يأكلونَ الشّاةَ بأكملِها). كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ تَحْسِبُونَ لِلشَّاةِ". كانتْ مسألةً عائليّةً إذْ كانوا يجتمعونَ معاً في مجموعاتٍ.

تقولُ الآياتُ 6-8، "... ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ. وَيَأْخُذُونَ مِنَ الدَّمِ وَيَجْعَلُونَهُ عَلَى الْقَائِمَتَيْنِ وَالْعَتَبَةِ الْعُلْيَا فِي الْبُيُوتِ (فوق الجزء العلويّ منَ الباب) الَّتِي يَأْكُلُونَهُ فِيهَا. وَيَأْكُلُونَ اللَّحْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ مَعَ فَطِيرٍ. عَلَى أَعْشَابٍ مُرَّةٍ يَأْكُلُونَهُ". كانَ الفطيرُ رمزاً لحقيقةِ أنّ اللهَ على وشكِ أنْ يخلِّصَهُمْ سريعاً، إذْ لمْ يكُنْ لديْهِمُ وقتٌ حتّى لاختمارِ العجين. أمّا الأعشابُ المُرّةُ فكانَتْ تهدِفُ لتذكيرِهِمْ بسنواتِ عُبوديّتهِمِ المريرةِ في مصر.

تقولُ الآيتانِ 11-12، "وَهكَذَا تَأْكُلُونَهُ: أَحْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ، وَأَحْذِيَتُكُمْ فِي أَرْجُلِكُمْ، وَعِصِيُّكُمْ فِي أَيْدِيكُمْ. وَتَأْكُلُونَهُ بِعَجَلَةٍ. هُوَ فِصْحٌ لِلرَّبِّ. فَإِنِّي أَجْتَازُ فِي أَرْضِ مِصْرَ هذِهِ اللَّيْلَةَ، وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. وَأَصْنَعُ أَحْكَامًا بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّ". ثم تقول الآية 13، "وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ، فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَ".

يأمرُ الله، مع استمرارِ التّعليمات، أنْ يكونَ هذا تذكاراً سنويّاً، أي اِحتفالاً سنويّاً بخلاصِ الربّ. ومِنْ بينِ أمورٍ أخرى، كان ينبغي أنْ يكونَ وقتاً عائليّاً للتّعليم. تقولُ الآياتُ 25-27، "وَيَكُونُ حِينَ تَدْخُلُونَ الأَرْضَ (كنعان أرض الموعد) الَّتِي يُعْطِيكُمُ الرَّبُّ كَمَا تَكَلَّمَ، أَنَّكُمْ تَحْفَظُونَ هذِهِ الْخِدْمَةَ (أي هذا المحفل السّنويّ). وَيَكُونُ حِينَ يَقُولُ لَكُمْ أَوْلاَدُكُمْ: مَا هذِهِ الْخِدْمَةُ لَكُمْ؟ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: هِيَ ذَبِيحَةُ فِصْحٍ لِلرَّبِّ الَّذِي عَبَرَ عَنْ بُيُوتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي مِصْرَ لَمَّا ضَرَبَ الْمِصْرِيِّينَ وَخَلَّصَ بُيُوتَنَا".

 

  1. يسوعُ يُعيدُ تفسيرَ الفِصْح

هذه هيَ خلفيّةُ قصّةِ الفِصْح. كان يسوعُ يحتفلُ معَ تلاميذِهِ بوجبةِ عيدِ الفِصْحِ في الليلةِ التي أُسْلِمَ فيها. مِنَ المُثيرِ للاهتمامِ أنْ يكتبَ بولسُ إلى كنيسةِ كورنثوس في 1 كورنثوس 11 أنّ يسوعَ يُعيدُ تفسيرَ الفِصْح بينما كانَ يحتفلُ بعيدِ الفِصْحِ معَ تلاميذِهِ. ستكونُ وجبةُ عيدِ الفِصْح، والتي نعرفُها الآن باسمِ التَّناول، الأداةَ التّعليميّةَ التي تساعِدُنا على فهمِ الكفّارةِ بجميعِ تفاصيلِها.

يقولُ بولسُ في 1 كورنثوس 23:11-26، "لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا. وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي"، كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي". فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ". يُعيدُ يسوعُ تفسيرَ وجبةِ الفِصْحِ قائلاً إنّ الصّليبَ هوَ الآنَ أعظمُ فعلٍ لخلاصِ الله. يُشيرُ خبزُ الفِصْحِ الآنَ إلى موتِ يسوع، أيْ جسدِ يسوعَ المكسورِ على الصّليب.

يقولُ يسوعُ، "... هذا هوَ جسدي وهذا هوَ دمي"، ولكنّنا لا نؤمنُ بأنّ جسدَهُ ودمَهُ يصيرانِ جسداً ودماً بالمعنى الحرفيّ. نحنُ نؤمنُ بأنَّ عُنْصرَيِ الإفخارستيّا يُمثّلانِ جسدَ المسيحِ وموتَهُ. نستخدمُ أحياناً الفطيرَ تذكاراً للوقائعِ التّاريخيّةِ التي كانتْ ترمزُ للتناول، ونستخدِمُ رقائقَ سهلةَ الكَسْر، ونستخدِمُ أحياناً خبزاً يسهُلُ كسرُهُ. تساعدُنا هذهِ الطرُقُ جميعُها على فهمِ كونِها ترمزُ لجسدِ المسيح، الذي انكسرَ وتقطّعَ على الصّليبِ مِنْ أجلِنا. يشيرُ كأسُ الفِصْحِ الآن إلى موتِ يسوع، أي إلى دمِهِ المسفوكِ على الصّليب. ولهذا السّببِ نستخدِمُ سائلاً داكناً وليسَ فاتحاً. يساعدُنا السّائلُ الدّاكنُ على تذكّرِ دمِ المسيح، أي دمِ حَمَلِ الله، الذي ماتَ عنّا بديلاً ليسدّدَ عقوبةَ خطايانا. يسوعُ هوَ حَمَلُ الله. إنّهُ الوحيدُ الذي ماتَ عَنْ خطايانا. وموتُهُ كافٍ ليغطّيَ جميعَ خطايانا وخطايا جميعِ مَنْ يُؤمنونَ بِهِ ويقبلونه. الإنجيلُ هوَ الخبرُ السّارُّ بالفعل، أليسَ كذلك؟