Loading...

الحياةُ رحلةٌ - Lesson 9

الروح القدس

يؤمن المسيحيون بالتوحيد، فنحن نؤمن بإلهٍ واحد. نؤمن أيضاً بالثالوث، أي أنّنا نؤمن بثلاثة "أقانيم" للثالوث: الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس. من هو الأقنوم الثالث في الثالوث؟ ما هو عمله في الواقع؟ ما هو دوره المستمرّ في حياتي؟ ما معنى قيادة الروح القدس لي وتمكينه إياي؟ هل ينبغي عليّ عمل أي شيءٍ، أم أنّه يتولّى عمل كل شيءٍ؟ كيف يمكن أنْ يكون حالنا لولا عمل الروح القدس؟

Bill Mounce
الحياةُ رحلةٌ
Lesson 9
Watching Now
الروح القدس

Lessons
About
Resources
Transcript
  • ألقِ نظرة على تجربة تحوّلك. من المفضّل دائماً أنْ تلقي نظرة على تجربة تحوّلك. ماذا حدث في رأيك عندما صرتَ واحداً من أتباع يسوع المسيح؟ هل هناك شيءٌ لا تستوضحه؟ هل من الممكن أنْ تكون قد أسأتَ فهم أي شيءٍ؟ هل حدث أي شيءٍ لم تكن على معرفةٍ به؟

  • التغيّر الذي يحدث في حياتك. يعني "التحوّل" أنّكَ تحوّلتَ من وضعٍ إلى وضعٍ آخر. لقد تحوّلتَ من شخصٍ عاديّ إلى تلميذٍ ليسوع. يعني هذا أيضاً أنّ الله يعمل الآن في حياتك، ويبدأ في أنْ يجعلك أكثر تشبّهاً بيسوع. هل هذا يدهشك؟ ما الذي حدث بالفعل عندما صرتَ مؤمناً؟ كيف تبدو هذه الحياة الجديدة لك كواحدٍ من أتباع يسوع؟ هل تتغيّر حياتي تلقائياً؟

  • سوف تعثر في مسيرتك الجديدة مع الله على الرغم من أنّ قوة الله تعمل فيك، وتساعدك لتصبح أكثر تشبّهاً بيسوع. ليس المقصود من هذا انتزاع فرحك بإيمانك الجديد، بل إعدادك لفرح النمو الروحيّ الذي ينتظرك. يعرف الله هذا ولن يفاجئه الأمر، فهذا لن يؤثر سلباً على تعهّده معك. ما معنى "الخطيّة"؟ هل التجربة خطيّة؟ كيف ستخبر الله أنّك أخطأت وأنك آسف؟ هل يغفر؟ هل يمكنك أنْ تطهر؟

  • التواصل عنصرٌ حاسم في أية علاقةٍ، وهو ينطوي على كلٍ من الاستماع والتحدّث. كلّمنا الله بطريقتين أساسيتين، من خلال الخليقة ومن خلال كلمته، أي الكتاب المقدّس. ما معنى مفاهيم "الوحي"، و"السلطان"، و"القانونيّة"؟ هل يمكن أنْ نثق بالكتاب المقدّس؟ كيف أستمع إلى الله فيما أقرأ كلمته؟ هل من المفترض أنْ أفعل أي شيءٍ بعد قراءته؟

  • لا يتطلّب التواصل السليم مجرّد الاستماع بل التحدّث أيضاً. الصلاة ببساطة هي الحديث مع الله، عن أي شيءٍ وكل شيءٍ. الله هو أبونا الجديد، وهو يريد أنْ يسمع صوتك. كيف تصلّي؟ ما الذي تصلّي من أجله؟ ماذا لو كانت لديّ صعوبة في الاستماع إلى صوته؟

  • عندما صرتَ مؤمناً فهمتَ بعض الأمور عن الله. ولكن هل تعلم أنّه يعرف كل شيءٍ؟ وأنه حاضرٌ في كل مكانٍ؟ وأنّه قادرٌ على كل شيءٍ؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه معرفة الله غير المحدودة؟ ما معنى العبادة؟ كيف ينبغي لنا أنْ نستجيب تجاه ما نعرفه عن الله؟

  • يسوع هو أشهر شخصيّة عرفها التاريخ. يفوق تأثيرُه على مجريات تاريخ العالم تأثيرَ أيِّ زعيمٍ آخر أو فلسفةٍ أو حركةٍ سياسيّة. يعرف كثيرٌ من الناس هذا الاسم، ولكن منْ هو؟ ماذا قال عن نفسه؟ ماذا قال أتباعه عنه؟ وما هو مغزى وأهمية هذه الأسئلة وأجوبتنا؟

  • صنع يسوع الكثير من الأشياء عندما كان على الأرض، ولكن أعظم أعماله كان الموت على الصليب. ولكن ماذا حدث بالضبط؟ ما الذي تحقّق؟ ماذا يقصد الكتاب المقدّس عندما يتحدّث عن يسوع كونه "حَمَل الله"؟ هل هناك أي شيءٍ يمكن أنْ يساعدني على فهم أهمية موته. هل أنا بحاجةٍ للتذكير بذلك الموضوع بصفةٍ منتظمة؟

  • يؤمن المسيحيون بالتوحيد، فنحن نؤمن بإلهٍ واحد. نؤمن أيضاً بالثالوث، أي أنّنا نؤمن بثلاثة "أقانيم" للثالوث: الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس. من هو الأقنوم الثالث في الثالوث؟ ما هو عمله في الواقع؟ ما هو دوره المستمرّ في حياتي؟ ما معنى قيادة الروح القدس لي وتمكينه إياي؟ هل ينبغي عليّ عمل أي شيءٍ، أم أنّه يتولّى عمل كل شيءٍ؟ كيف يمكن أنْ يكون حالنا لولا عمل الروح القدس؟

  • عندما صرتَ مؤمناً بدأتَ في السير مع الله. هذه عمليةٌ مستمرة يوماً بيومٍ تفقد فيها الخطيّة سطوتها على حياتك تدريجياًّ وتصير أكثر تشبّهاً بيسوع. ولكن بعض الأيام تكون أصعب من غيرها، وخصوصاً عندما تأتي الأوقات العصيبة. لماذا تحدث هذه "الأشياء السيّئة"؟ هل يمكنني الاحتفاظ ببعض جوانب نفسي بعيداً عن الله إذا كان ذلك يساعدني على تجنّب الألم؟ هل هناك أيّة عواقب للسماح للخطيّة بالدخول في بعض جوانب حياتي؟ ما معنى أنْ يكون يسوع هو "المخلّص" و"الربّ"؟

  • عندما نصير أولاداً لله ، نصبح أفراد عائلة جديدة لها أبٌ جديد وأخوات وإخوة جدد ووطنٌ جديد. كيف أتواصل مع هؤلاء الناس؟ هل أنا بحاجةٍ لقضاء بعض الوقت معهم؟ هل هذه مهمةٌ سهلة أم صعبة؟ كيف يمكن أنْ تساعدني الكنيسة الأولى على فهم هذه الموضوعات؟ كيف تبيّن محبتي لله نفسها للآخرين؟

  • ينبغي على التلاميذ تلمذة المزيد من التلاميذ. هذه واحدةٌ من أسعد التجارب في حياتك فيما تشارك الآخرين كيف أحياك الله، وسوف يفعل الشيء نفسه لأصدقائك، وجيرانك، وغيرهم. ليست هذه عمليّة مخيفة، ولكنها طبيعيّة في الواقع للأشخاص الذين تغيّروا ويعيشون حياة متغيّرة. كيف سيستجيب الناس لك؟ ما هي "الشهادة الشخصيّة"؟ كيف أخبر الناس أنّ بإمكانهم أيضاً أنْ يكونوا تلاميذاً ليسوع؟ ماذا لو لم أعجبهم؟

Arabic

مدة منهجنا 12 أسبوعاً، وهو يوجّه الطلّاب في الاتجاه الصحيح، ويشجّع المؤمنين الناضجين على إرشادهم. ومن المعتاد أن يتفاعل الطالب مع المقطع الكتابيّ خلال الأسبوع، ونشجّعه لكي يبدأ في كتابة تأملاته، والصلاة، وحفظ النصوص الكتابية عن ظهر قلب. ثم يستمع الطالب والمرشد كلاهما إلى حديث مدّته ثلاثون دقيقة وتوجد معه ملاحظات دراسية، وبعدها يعملان على الإجابة عن الأسئلة التأملية ويبقى لديهما يومان للتأمل بما تعلّماه.

ويتم النسخ ويمكن تحميلها (انظر إلى اليمين) . ونحن نعمل على المصنف والصوت.

الدَّرْسُ التّاسِعُ ■ مَعرِفَةُ المزيدِ عَنِ الرّوحِ القُدُس

 

تحدَّثْنا فيما سبَقَ عَنْ حقيقةِ كونِ المسيحيّينَ مُوحِّدين: فنحنُ نؤمنُ بإلهٍ واحد، وهذا هوَ السّببُ في قولِ يسوعَ لفيلبُّس على سبيلِ المثال، "اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ". نحنُ نؤمنُ أيضاً بالثالوث، أيْ بالأقانيمِ الثَّلاثةِ الإلهيّةِ كما يُسمّيها اللّاهوتيّون. نؤمنُ بأنَّ اللهَ الآبَ إلهٌ كاملٌ ومتميِّزٌ عَنِ اللهِ الابن. وبالمثلِ، نؤمنُ بأنَّ اللهَ الابنَ، يسوعَ، إلهٌ كامِلٌ ومتميِّزٌ عَنِ اللهِ الآب. نؤمنُ أيضاً بأنَّ اللهَ الرّوحَ القدسَ إلهٌ كاملٌ ومتميّزٌ عَنِ اللهِ الآبِ وعَنِ اللهِ الابن.

نحنُ نؤمنُ بالوِحدانيّة، ونؤمنُ أيضاً بالثّالوث. يبدو هذا الفكرُ اللاهوتيُّ مركّباً، ولكنْ لهذا السّببِ يدعونا يسوعُ قائلاً، "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ (صيغة المفرد) الآبِ وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ". نعترفُ بأنّ هذا الفكرَ اللاهوتيَّ سرٌّ مِنَ الأسرار، ولكنّنا نؤمنُ بهِ لأنّهُ أحدُ تعاليمِ الكتابِ المقدّس، ولا غرابةَ في ذلكَ لأنّنا نعلمُ أنّهُ لا يمكنُنا أنْ نفهمَ طبيعةَ اللهِ فهماً تاماً. أودّ أنْ أركّزَ بشدةٍ على عملِ الأقنومِ الثالثِ في الثالوث. أريدُ أنْ أتأمّلَ على وجْهِ التَّحديدِ في اثنتَيْنِ مِنْ مهامِّهِ الأساسيّة: تجديدِ الرّوحِ القدس، وسُكنى الرّوحِ القدس.

تجديدُ الرُّوحِ القُدُس

أوّلاً، الرّوحُ القدسُ هوَ عاملُ التّجديد. والتّجديدُ ببساطةٍ هوَ العمليّةُ التي يَهَبُنا اللهُ بِها حياةً جديدة. يَهَبُنا اللهُ ولادةً جديدة، ويجعَلُنا خليقةً جديدة. وهذا هوَ معنى التّجديد: هوَ النقطةُ الفعليّةُ في الزّمنِ في عمليّةِ تحوّلِنا حينَ نصيرُ أحياء. عمليّةُ التّجديدِ هيَ المسؤوليةُ الحصريّةُ للرّوحِ القدس، الذي هوَ عاملُ التّجديد.

تبدأُ عمليّةُ التّجديد، بالنسبةِ للكثيرينَ مِنّا، قبلَ سنواتٍ في الواقِعِ مِنْ صيرورتِنا مؤمنين، أيْ أنَّها تبدأُ عندما نتبكَّتُ على خطايانا. يقولُ يسوعُ في يوحنّا 7:16-8، "لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ (كانَ يسوعُ يهيِّئُ تلاميذَهُ بهذهِ الكلماتِ لموتِهِ وصعودِهِ إلى السّماء)، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ". كلمةُ "العالم" في هذا السّياقِ معناها غيرُ المؤمنين، ومِنْ مهامِّ الرّوحِ القُدسِ أنْ يكشِفَ للعالمِ، أيْ لغيرِ المؤمنينَ، عنْ خطاياهُم، ثمَّ يكشفُ لهُمْ بِرَّ الله. وبعدَ ذلك، يُعلنُ الرّوحُ القدسُ للعالَمِ دينونةَ اللهِ الآتيةَ لأنّهُمْ خطاةٌ ولأنَّ اللهَ بارٌّ. هذهِ الأمورُ كلُّها جزْءٌ مِنْ مُهمّةِ الرّوحِ القُدُس.

هلْ تتذكّرونَ المرّةَ الأولى التي أدْرَكْتُمْ فيها أنّكُمْ على خطأ، أوْ أنَّ شيئاً ينقصُكُمْ، أوْ أنَّ في حياتِكُمْ فراغاً؟ كان إدراكُنا هذا نتيجةَ عملِ الرّوحِ القدسِ الذي كان يبكِّتُنا على خطايانا. يبدأُ الرّوحُ القدسُ بهذا التّبكيتِ في جذبِنا إلى الله. هل تتذكّرونَ ما قالَهُ يسوع، "لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي"؟ (يوحنّا 44:6). يجتذِبُنا الآبُ لنفسِهِ مِنْ خلالِ عملِ الأُقنومِ الثّالثِ في الثالوث، أيِ الرّوحِ القدس. هلْ تتذكّرونَ المرّةَ الأولى التي وجَدْتُمْ أنفسَكُمْ فيها تقولونَ عَنْ قناعةٍ، "ربّما تكونُ أمورُ يسوعَ هذهِ حقيقيّةً بالفعل"؟ كانَ الرّوحُ القدسُ يبكِّتُنا على خطايانا، ويجتَذِبُنا إلى شخصِ يسوعَ المسيحِ وتأكيداتِهِ، أي يجتذِبُنا إلى الله.

يتولَّى الرّوحُ القدسُ فيما بعدُ المهمّةَ الفعليّةَ للتّجديدِ في حياتِنا. يَهَبُنا الرّوحُ القدسُ حياةً جديدةً وولادةً جديدة. تحدّثَ يسوعُ مَعَ نيقوديموس في يوحنّا 5:3 قائلاً، "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ". تتركّزُ مُهمّةُ الرّوحِ القدسِ في أنّهُ يأتينا ويطهِّرُنا ويجدِّدُنا ويَهَبُنا الحياة. الرّوحُ القدسُ هو عاملُ التّجديد. يقولُ بولسُ الشّيءَ نفسَهُ في تيطس 4:3-5، "وَلكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ وَإِحْسَانُهُ لاَ بِأَعْمَال فِي بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا..."

يواصلُ بولسُ وصفًهُ لكيفيّةِ خلاصِ اللهِ الآبِ لنا فيقول، "... بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، الَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا". يُعَّدُ المقطعُ الواردُ في تيطس 4:3-6 أحدَ المقاطعِ المحوريّةِ بالفعلِ عَنِ الثالوثِ في الكتابِ المقدّسِ بأكمَلِهِ: فاللهُ الآبُ هوَ الذي قرَّرَ أنْ يخلِّصَ شعبَهُ. وقدْ خلَّصَ شعبَهُ مِنْ خلالِ ما عَمِلَهُ اللهُ الابنُ على الصّليب، وهذا ما جعلَ اللهَ الرّوحَ القدسَ يأتينا ويطهِّرُنا ويجدِّدُ قلوبَنا. الرّوحُ القدسُ هو منْ يعملُ التّجديد، وهو الذي يأتي ويجدِّدُنا.

لا تقتصِرُ مهمّةُ الرّوحِ القدسِ على مجرَّدِ كونِهِ عاملَ التّجديد، ولكنَّهُ أيضاً خَتْمُ تجديدِنا. ماذا يحدُثُ عندما نختِمُ وثيقة؟ نصُبُّ بضعَ قطراتٍ مِنَ الشّمْعِ على الوثيقة، ثم نلْصِقُ الختمَ على الشّمع. لمْ نعُدْ نستخدمُ هذهِ الطريقة كثيراً. ومعَ ذلكَ، هناكَ ميّزتانِ للوثيقة، أليسَ كذلك؟ (1) نحدِّدُ مُلكيّتَنا لأنَّ هذا هوَ ختمُنا (2) نحمي الوثيقةَ لأنّ الختمَ سيضمَنُ بقاءَ المَخطوطةِ ملفوفةً والكتابَ مغلقاً. يعملُ الرّوحُ القدسُ الشّيءَ نفسَهُ: فهوَ ختمُ ميراثِنا، وهوَ علامةُ ملكيّةِ اللهِ لحياتِنا. الرّوحُ القدسُ هو حامينا.

تحدّثَ بولسَ في أفسس 13:1-14 عمّا قرأناهُ لتوِّنا فقال، "الَّذِي فِيهِ (يسوع) أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، الَّذِي هُوَ عُرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ". وضَعَ فينا الرّوحُ القدسُ ختمَ ملكيّةِ اللهِ لنا، وَحَمانا عندما صرْنا مؤمنينَ مِنْ خلالِ تجديدِهِ لحياتِنا. الرّوحُ القدسُ يحمينا (أي يضمنُ ميراثَنا)، الذي يقولُ بطرسُ إنّهُ "مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ"، وهذا الميراثُ محفوظٌ لنا إلى أنْ نموتَ ونذهبَ إلى الوطنِ السّماويّ.

تُشيرُ كلمةُ "ختم" الآنَ في اللغةِ اليونانيّةِ الحديثةِ إلى خاتمِ الزّواج. هذهِ مسألةٌ مثيرةٌ للاهتمامِ، أليسَ كذلك؟! لتوضيحِ هذا المعنى، علينا الرّجوعُ إلى العاداتِ القديمةِ التي كانتِ الخُطوبةُ فيها حفلاً قانونيّاً مُلْزِماً. عندَ فسخِ الخطوبةِ في ذلكَ الزّمان، كانتِ النتيجةُ هيَ الانفصال، ولكنّهُ انفصالٌ بمعنى يختلفُ عَنْ يومِنا هذا. يأتي الرّوحُ القدسُ ويختِمُنا، فهوَ خاتَمُ خطوبتِنا الذي يضمَنُ لنا عرسَنا مع الحَمَل عندما نذهبُ جميعاً إلى السّماء. يجدِّدُنا الرّوحُ القدس، ويبكِّتُنا على خطايانا، ويجتذِبُنا إلى الله، ويجعلُنا شعباً جديداً، وبَعْدَ ذلِكَ يختِمُنا: أيْ يحمي ميراثَنا ويحمينا إلى أنْ نصلَ إلى الوطنِ السّماويّ. أينَ يمكنُ أنْ نكونَ بدونِ الرّوحِ القدس؟ سأقولُ لكُمْ أينَ يمكنُ أنْ نكون: سنكونُ أمواتاً في خطايانا غيرَ قادرينَ على الاستجابةِ لله، وسيكونُ المكانُ الوحيدُ المضمونُ لنا هوَ الجحيم. شكراً للهِ على عطيّةِ الرّوحِ القدسِ التي لا توصَف.

الرّوحُ القُدُسُ يَسْكُنُ فينا

ثانياً، الرّوحُ القدسُ يسكنُ فينا أيضاً. نحنُ نميلُ لاستخدامِ تعبيرِ "سُكنى الرّوحِ القدس". يُهيّئُ يسوعُ تلاميذَهُ في يوحنّا 14 لأنّهُ يعلَمُ بأنّهُ سيموتُ ويتركُهُمْ. يقولُ يسوعُ في يوحنّا 16:14-17، "وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ". يسوعُ هوَ معزّي التّلاميذ، ولكنْ عليهِ أنْ يتركَهُمْ حتّى يرسلَ اللهُ الآبُ مُعزِّياً آخرَ، أيْ أُقنوماً آخرَ، يكونُ مثلَ يسوعَ باستثناءِ أنَّ هذا المعزّيَ الآخرَ لنْ يتركَنا كما كانَ يلزمُ ليسوعَ أنْ يتركَنا.

ربما نكونُ قدْ سمعْنا كلمةَ الباراقليط، وهيَ الكلمةُ اليونانيّةُ التي تُرجمَتْ هنا بمعنى المعزّي. المعنى الحرفيُّ لكلمةِ الباراقليط هوَ الشّخصُ الذي يكونُ بجانِبِنا. والمغزى هو أنَّ الباراقليط يكونُ بجانبِنا ليعزِّيَنا. لا توجدُ كلمةٌ ترادِفُ هذا المعنى، ولذلكَ في بعضِ الأحيانِ نترجِمُها المعزّي أوِ المُحامي: وأحياناً نستعيضُ عَنْ هذهِ المفرداتِ ونكتفي باستخدامِ كلمةِ "الباراقليط". يتحدّثُ يسوعُ عَنِ الرّوحِ القدسِ الذي حلَّ في يوْمِ الخمسينَ حسبَ سِفْرِ أعمالِ الرُّسل 2 وسكنَ في جميعِ المُؤْمنين. هذا هوَ الرّوحُ القدسُ نفسُهُ الذي يحِلُّ فينا عندَ تحوِّلنا.

يأتي الرّوحُ القدسُ فيجدِّدُنا ويجعلُنا خليقةً جديدةً ولكنّهُ لا يكتفي بذلكَ ويتركُنا، وإنما يسكُنُ فينا. إنّه يبقى معَنا وفينا، وهوَ يسكُنُ في كُلِّ واحدٍ منّا. لا يتحدَّثُ يسوعُ عَنْ قوةٍ إلهيّةٍ مُبْهَمةٍ، فليسَتْ هذهِ طبيعتَهُ. الرّوحُ القدسُ هوَ اللهُ بقدرِ ما أنَّ الآبَ هوَ الله، وبقدرِ ما أنَّ الابنَ هوَ الله. الرّوحُ القدسُ شخصيٌّ بقدرِ ما أنَّ اللهَ الآبَ شخصِيٌّ. نتواصلُ معَهُ بالطريقةِ نفسِها التي نتواصلُ بها معَ اللهِ الاِبن. الرّوحُ القدسُ هوَ اللهُ ذاتُهُ، وهوَ يشارِكُ شخصيّاً في كُلِّ جانبٍ مِنْ جوانبِ حياتِنا اليوميّة.

يشاركُ الرّوحُ القدسُ كلَّ واحدٍ منّا لأنَّ مهمّتَهُ هي أنْ يعزّيَنا ويكونَ بجانِبِنا. يعزّينا الرّوحُ القدسُ في نواحٍ كثيرة، أليسَ كذلك؟ بينما نقرأُ الكتابَ المقدّس، ونقبَلُ عملَ الرّوحِ القدس، سوفَ نرى، مِنْ بينِ أمورٍ أُخرى، أنَّ الرّوحَ القدسَ يضمَنُ لنا أنّنا أولادُ الله. يهمِسُ لنا في أعماقِنا بأنّنا ننتمي إلى الله. يعزّينا في صلواتِنا عندما لا نعرِفُ كيفَ نُصلّي. يبحثُ في أعماقِ قلوبِنا وراءَ الكلمات، ويعبِّرُ عَنْ اشتياقِ قلوبِنا العميقِ لله. ليسَتْ هذهِ عطيّةً كارزماتيّة، بلْ هذا ينطبقُ على جميعِ المؤمنين (رومية 8).

يضمنُ لنا الرّوحُ القدسُ قيامتَنا الأخيرةَ أيضاً. تطولُ قائمةُ مهامِّ الرّوحِ القدس، ولكنَّ عملَهُ الأساسيَّ، أو على الأقلِّ عملَهُ اليوميَّ، هو إرشادُنا وتمكينُنا. يسكنُ الرّوحُ القدسُ فينا ليرشدَنا ويُمكِّنَنا. يرشدُ الرّوحُ القدسُ كلَّ واحدٍ مِنّا يوميّاً. يتحدّثُ الكتابُ المقدَّسُ عَنْ قيادةِ الرّوحِ القدسِ لنا، ويتحدَّثُ أحياناً عَنِ السّلوكِ في الرّوحِ القدسِ أوِ السّلوكِ بالرّوحِ القدس. يخبرُنا بولسُ أنْ نسلكَ حسبَ الرّوحِ القدس، "وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ" (غلاطية 16:5). هذا هو المعنى المقصودُ مِنْ إرشادِ الرّوحِ القدسِ لنا.

يرشدُنا الرّوحُ القدسُ بطرقٍ مختلفة، أليسَ كذلك؟ الطريقةُ الرئيسيّةُ التي يرشدُنا بها الرّوحُ القدسُ هيَ مِنْ خلالِ الكتابِ الُمقدَّس. فيما نقرأُ الكتابَ المُقدَّس، يساعدُنا الرّوحُ القدسُ على فهمِ معانيهِ وتطبيقِ تعاليمِهِ في حياتِنا. عندما كتبَ بولسُ رسالتَهُ الثانيةَ إلى تيموثاوس، ذكَرَ لهُ بعضَ الأمورِ العسيرةِ الفهمِ قائلاً، "افْهَمْ مَا أَقُولُ. فَلْيُعْطِكَ الرَّبُّ فَهْمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ" (2 تيموثاوس 7:2).

عندما نقرأُ الكتابَ المُقدَّس، الذي هوَ كلمةُ الله، يعملُ الرّوحُ القدسُ في أذهانِنا ليساعدَنا على فهمِ الكلمةِ وتطبيقِها. وبالتّالي، يُمْكِنُنا أنْ نتصوّرَ الرّوحَ القدسَ يقولَ لكلٍّ مِنّا، "نعمْ، إنّي أتحدّثُ عنكَ في الآيةِ الرّابعة"، أو "نعَمْ، هذهِ الآيةُ مقدَّمةٌ لكَ، يا بِلْ، فاستوعِبْها في ذهنِك!" أعتقدُ أنَّ الرّوحَ القدسَ يرشدُنا أيضاً مِنْ خلالِ التّحدّثِ إلينا. علينا توخّي الحذرِ هُنا لأنَّ أيَّ شيءٍ نعتقدُ أنّ الرّوحَ القدسَ يقولُهُ لنا في أذهانِنا ينبغي أنْ يتوافقَ معَ ما يقولُهُ الكتابُ المقدّس. طالما تحدّثْتُ معَ منْ يقول، "الربُّ يقودُني لأفعلَ ذلكَ ..." فأقولُ: "لا، فالأمرُ ليسَ كذلكَ لأنّ الربَّ لا يقودُ بما يتعارضُ معَ الكتابِ المقدَّس". فيقولُ، "أشعرُ بالفعلِ أنّ اللهَ يريدُ مِنّي أنْ أطلِّقَ شريكةَ حياتي". هذا واحدٌ مِنَ الأعذارِ الأكثرِ شُيوعاً للطلاق. ولكنَّ هذا الصّوتَ ليسَ صوتَ اللهِ بلْ صوتَ الشّيطانِ لأنّ صوتَ اللهِ في أذهانِنا لنْ يتعارضَ إطلاقاً معَ الكتابِ المقدّسِ ... أبداً! رغمَ هذا التّحذير، أعتقدُ أنّ الرّوحَ القدسَ يعملُ أيضاً في داخلِنا ويرشدُنا بتذكيرِنا، فهوَ يكشِفُ لنا حقائقَ الأمور.

بدأتُ أطلبُ مِنَ اللهِ قبلَ نحوِ سنةٍ، أنْ يجعلَ روحَهُ القدّوسَ ينطقُ بلهجةٍ معيّنةٍ! قلْتُ لهُ، "يا اللهُ، هناكَ أصواتٌ كثيرةٌ تموجُ في ذِهْني: هناكَ صوْتي، وصوتُ طبيعتي الخاطئة، وصوتُ ثقلِ تجاربي السّابقة. أعلمُ أنَّ الرّوحَ القدسَ موجودٌ ويحاولُ لفتَ انتباهي، ولكنّني أجدُ صعوبةً أحياناً في تمييزِ صوتِهِ. ليتَكَ تجعلُهُ ينطقُ بلهجةٍ بطيئةٍ لطيفةٍ مثلَ تلكَ اللهجةِ الشّائعةِ في ولايةِ كارولينا الشّمالية؟ كمْ سيكونُ هذا جميلاً!" يدورُ مفهومُ إرشادِ الرّوحِ القدسِ بأكملِهِ في سياقِ إجراءاتٍ متتابعة، فهذا الشّيءُ لا يحدثُ بينَ عشيّةٍ وضُحاها على الفور. ومعَ ذلك، كان مِنَ الواضحِ أنّه فيما كنتُ أحاولُ الاستماعَ للأصواتِ وتمييزَها في ذهني، اعتقدْتُ أنّني سأسمَعُ لهجةَ الرّوحِ القدس. يقولُ الرّوحُ القدسُ في المعتاد، "اسكُتْ، يا بِلْ، فأنتَ لستَ بحاجةٍ لأنْ تقولَ ذلك". أعتقدُ أنّ هذهِ واحدةٌ مِنَ الطّرقِ التي يرشدُني بها الرّوحُ القدس. لا يرشدُنا الرّوحُ القدسُ بطريقةٍ تتعارضُ مع الكتابِ المقدّس. الرّوحُ القدسُ هوَ ذلكَ الصّوتُ في أذهانِنا الذي يأخُذُ الكتابَ المقدّسَ، وما نعرفُهُ، وخبراتِنا في الحياة، ومحادثاتِنا معَ أصدقائِنا غيرِ المسيحيّين، ويقولُ، "اسعَ وراءَ ذلك"، أو "تحدَّثْ إليهِمْ أكثرَ قليلاً"، أو "اسألُهُ عَنْ زوجتِهِ"، أو "اسأليها عَنْ أطفالِها"، أو "اعرِفْ ما يدورُ في حياتِهِ".

يعملُ الرّوحُ القدسُ في قلوبِنا وأذهانِنا مِنَ الدّاخلِ إلى الخارج، ويرشدُنا يوميّاً. هكذا نسلكُ بالرّوح. لا يُمكّنُنا الرّوحُ القدسُ مِنْ سماعِ صوتِهِ فحسب، ولكنّهُ يعطينا القدرةَ فيما بعدُ على تطبيقِ ما يقولُهُ هذا الصّوت. يقوّينا الرّوحُ القدسُ يوميّاً. يَرِدُ أحدُ المقاطعِ المفضّلةِ لي في فيلبي 12:2-13 الذي يقولُ فيه بولسُ لكنيسةِ فيلبي، "إِذًا يَا أَحِبَّائِي، كَمَا أَطَعْتُمْ كُلَّ حِينٍ، لَيْسَ كَمَا فِي حُضُورِي فَقَطْ، بَلِ الآنَ بِالأَوْلَى جِدًّا فِي غِيَابِي، تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ". تساعِدُنا ترجمةُ ج. ب. فيليبس J.B. Phillips على فهمِ الفكرِ اللاهوتيِّ لدى بولس بدرجةٍ أفضلَ قليلاً. يرِدُ هذا المقطعُ حسبَ هذهِ التّرجمةِ كما يلي، "احرَصوا بشدّةٍ أنْ تُتَمِّموا الخلاصَ الذي وهبَكُمُ اللهُ إياهُ حسبَ المفهومِ الصّحيحِ للرّهبةِ والمسؤولية، لأنَّ اللهَ هوَ العاملُ فيكم، وهو الذي يَهَبُكُمُ المشيئةَ والقوّةَ على تحقيقِ هدفِهِ".

اللهُ الرّوحُ القدسُ يعملُ فينا، ويزرعُ الرّغباتِ في قلوبِنا، ومِنْ ثمَّ يهبُنا القوّةَ التي تمكّنُنا مِنْ تحقيقِ ما في قلوبِنا حقاً. أريدُ أنْ أقولَ بعضَ الأمورِ عَنِ التّمكينِ لأنّهُ واحِدٌ مِنَ الموضوعاتِ التي تسبّبُ الإرباكَ والحيرةَ في بعضِ الأحيان. سيكونُ مِنَ السّهلِ حقاً أنْ تكونوا حَرْفيّينَ في هذهِ المرحلة. "عليكُمْ أنْ توافقوا سلوكَكُمُ الخارجيَّ معَ وصايا الله، فهذا هو المُهمّ". الحرفيّةُ سهلةٌ بهذا المعنى. ومع ذلك، فإنّ الرّوحَ القدسَ يسكنُ فينا ويعملُ مِنَ الدّاخلِ إلى الخارج. إنّه يعملُ مِنْ قلوبِنا إلى أفواهِنا إلى أيدينا وأقدامِنا. وما يتعيّنُ علينا كمسيحيّين هوَ أنْ نتعلّمَ ليس فقطْ سماعَ الرّوحِ القدس، ولكنْ أنْ نتعلّمَ أيضاً السّماحَ لقوّتِهِ بتحقيقِ عملِهِ في حياتِنا.

المَواهِبُ الرُّوحِيَّةُ

المواهبُ التي منَحَنا اللهُ إياها هيَ بالتّأكيدِ مِنَ الطُّرقِ التي يُمَكِّنُنا اللهُ بها. أتحدّثُ هنا عَنْ موضوعِ ما يُسمّى بـ "المواهبِ الروحيّة". يعلّمُنا الكتابُ المقدّسُ بأنّ كلَّ واحدٍ منّا تلقّى موهبةً فائقةً للطبيعةِ واحدةً على الأقلِّ عندما صارَ مؤمناً. إذا كنتَ حديثَ الإيمان، فرُّبما لا تكونُ على درايةٍ بأنّكَ تملُكُ الآنَ موهبةً فائقةَ الطبيعةِ مِنْ خلالِ قوّةِ الرّوحِ القدسِ السّاكنِ فيك. أحياناً تكونُ مواهبُ اللهِ موازيةً لمواهبِنا الطبيعيّة (لا توجدُ بالطبعِ مواهبُ "طبيعيّةٌ" لأنّ اللهَ سيطرَ على كيفيّةِ تكوينِ جيناتِنا)، ولكنّ المواهبَ الروحيّةَ تمكّنُنا أحياناً ممّا نقومُ بهِ بالفعل. تختلِفُ مواهبُنا الروحيّةُ في بعضِ الأحيانِ اختلافاً جذريّاً عمّا يمكنُ أنْ نعملَهُ بقدراتِنا الطبيعيّة، ولكنَّ كلَّ واحدٍ مِنَ المؤمنينَ لديهِ موهبةٌ واحدةٌ على الأقلّ.

تسرِدُ بعضُ المقاطعُ في الكتابِ المقدّسِ كثيراً مِنَ المواهبِ مثلَ التّعليمِ والوعظِ والكرازةِ والخدمة، والتّشجيعِ والرّعايةِ والإدارة. كما يذكُرُ الكتابُ المقدّسُ موهبةَ العطاء، وهي قدرةٌ فائقةٌ للطبيعةِ لكسبِ كمياتٍ كبيرة مِنَ المالِ بالتّوازي مع قناعةٍ راسخةٍ بأنّنا وكلاءُ اللهِ لاستخدامِ غناهُ مِنْ أجلِ أهدافِهِ. هذهِ الموهبةُ هي كسبُ المالِ وتوزيعُهُ على حدٍّ سواء. أمّا المواهبُ الأُخرى المذكورةُ في الكتابِ المقدّسِ فهيَ مواهبُ قيادةِ الكنيسة، واّلرحمةِ والحكمة، والشّفاءِ وصُنْعِ المُعْجزات. ربّما يذكُرُ الكتابُ المقدّسُ مواهبَ أكثر، ولكنَّ الرّوحِ القدسِ لديهِ هذهِ المجموعةُ الواسعةُ مِنَ المواهبِ التي يهبُها لكنيستِهِ لأنّ هناكَ مجموعةً واسعةً مِنَ الاحتياجاتِ في الكنيسة.

لتلبيةِ احتياجاتِ الجسد، يَهَبُ الرّوحُ القدسُ جميعَ أعضاءِ الجسدِ مواهبَ بحيثُ يمكِنُ أنْ نشاركَ جميعاً في حياةِ جسدِ المسيحِ مستخدمينَ مواهبَنا لخدمةِ الكنيسة. يقولُ بولسُ صراحةً في 1 كورنثوس 7:12، "وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ". ينبغي استخدامُ مواهبِنا مِنْ أجلِ المنفعةِ العامّةِ للكنيسة. يقولُ بطرسُ إنّ علينا استخدامَ مواهبِنا لخدمةِ بعضِنا بعضاً كوكلاءَ لنعمةِ الله.

مِنَ الطُّرُقِ الّتي يُمكّننا بها الرّوحُ القدسُ هيَ توفيرُ مجموعةٍ واسعةٍ مِنَ المواهبِ لتلبيةِ مجموعةٍ واسعةٍ مِنَ الاحتياجاتِ في الكنيسة. يندرِجُ الهدفُ تحتَ التّصنيفِ العامِّ للتّمكين: "ما هوَ الهدفُ مِنْ إرشادِ الرّوحِ القدسِ لنا وتمكينِهِ إيّانا؟" الهدَفُ هوَ أنْ تتغيَّرَ حياتُنا، فهذا هوَ المقصود. هلْ نريدُ أنْ نعرِفَ ما هيَ مشيئةُ الله؟ مشيئةُ اللهِ هيَ تقديسُنا وقداسَتُنا، حسبَ ما يقولُهُ بولسُ للكنيسةِ في تسالونيكي. لسْنا بحاجةٍ لأنْ نسألَ هذا السّؤالَ فيما بعد! ما هيَ مشيئةُ اللهِ لحياتِنا؟ مشيئةُ اللهِ لحياتِنا هيَ أنْ نكونَ قدّيسين، وأنْ تتغيّرَ حياتُنا، وأنْ نكونَ أكثرَ تشبّهاً بيسوعَ المسيح، وكلُّ ما عدا ذلكَ هوَ ثانويّ.

ثَمَرُ الرُّوح

يقولُ بولسُ لكنيسةِ رومية وَلَنا إنّ اللهَ الصّالحَ سيعملُ في حياتِنا حتّى نصبحَ مُشابهينَ صورةَ ابنِهِ، وحتّى نصيرَ أكثرَ تشبُّهاً بيسوعَ. هذهِ عمليّةٌ، أليسَ كذلك؟ تقولُ رومية 29:8، "لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ". يقولُ بولسُ لأهلِ كورنثوس إنّنا نتغيّرُ مِنْ إحدى درجاتِ المجدِ إلى الدرجةِ الأعلى.

يخبرُنا يوحنّا، "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (1 يوحنّا 2:3). هذهِ الآيةُ هيَ هدفُ اللهِ لحياتِنا، ولهذا السّببِ يرشِدُنا الرُّوحُ ويُمكِّنُنا لأنّهُ يريدُ أنْ تُظهِرَ حياتُنا ما يُسمّى بـ"ثمرِ الرّوح". قالَ يسوعُ لتلاميذِهِ، "بِهذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلاَمِيذِي". الثمرُ هنا معناهُ ببساطةٍ النتائجُ الواضحةُ لحياتِنا المتغيّرة، فهذهِ النتائجُ الملموسةُ تُسمّى الثمر.

يرِدُ المقطعُ الرئيسيُّ عَنِ الثّمرِ في غلاطية 5. يقولُ بولسُ في الآية 16، "وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ". اسلكوا بإرشادِ الرّوح. اسلكوا بالقوّةِ التي يَهَبُنا الرّوحُ إيّاها. إذا فعَلْنا ذلك، فلنْ نُكمِّلَ شهوةَ الجسد. يكشفُ بولسُ بعدَ ذلكَ عَنِ التّناقضِ بينَ رغباتِ الجسدِ وثمرِ الرّوح، قائلاً، "وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ".

إذا وهَبَنا الرّوحُ حياةً متجدّدَةً، فلا بدّ أنْ نحياها بالرّوح، سالكينَ بالرّوحِ ومُصغينَ لإرشادِهِ وسامحينَ لقوّتِهِ بمساعدتِنا على إنجازِ العملِ الذي وهبَنا إيّاه. "لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا". إنّ الهدفَ مِنْ إرشادِ الرّوحِ القدسِ وتمكينِهِ هوَ أنْ تتغيّرَ حياتُنا فتبدأَ في إظهارِ المحبّةِ والفرحِ حيثُ لمْ تكنْ هناكَ محبّةٌ أو فرحٌ.

أمّا الشّيءُ المثيرُ للاهتمامِ فهوَ أنَّ الرّوحَ القدسَ لنْ يُمكِّنَنا أوْ يصنعَ فينا الثمرَ بدونِ تعاونِنا. نحنُ لا نتعاوَنُ في خلاصِنا، ولكنَّنا نتعاوَنُ في عمليّةِ تقديسِنا. وعمليّةُ النموِّ في القداسةِ بأكملِها ليسَتْ عمليّةً تلقائيّةً نتكاسلُ فيها قائلين، "لا يهمُّنا الأمر!" يمكنُنا بالفعلِ محاربةُ الرّوح، فالكتابُ المقدَّسُ يُسمّي هذا إطفاءَ الرّوحِ أو إحزانَ الرّوح. يتحدَّثُ كاتبُ الرّسالةِ إلى العبرانيّين عَنْ إحزانِ الرّوحِ القدس. يحدُثُ هذا عندما نسمعُ الرّوحَ ولا نطيعُهُ. يحدث هذا عندما يحثُّنا الرّوحُ للطاعةِ فنعصي. يمكنُنا محاربةُ عملِ روحِ الله. ماذا يحدُثُ عندما نفعَلُ ذلك؟ يبدأُ الرّوحُ القدسُ باستردادِ بركاتِ اللهِ في حياتِنا وفرضِ تأديبٍ إصلاحيّ. يقولُ بولسُ لأهلِ كورنثوس إنّ كثيرينَ منْهُمْ ضعفاءُ ومرضى وكثيرينَ يرقدون لأنَّهُمْ نجسّوا العشاءَ الربانيّ، وسخِروا مِنَ الفقراء، وأهانوا الصّليب. ثارَ غضبُ الرّوحِ القدسِ عليهِمْ، ولهذا صارَ بعضُهُمْ ضعفاءَ ومرضى وبعضُهُمْ يرقدون. كمْ مِنَ الأفضل بكثيرٍ أنْ نسمَعَ الرّوحَ القدسَ فنطيعُهُ! كمْ مِنَ الأفضلِ بكثيرٍ أنْ يحثَّنا الرّوحُ القدسُ فنطيعُهُ!

ما مَعْنَى التَّمْكين؟

نَصِلُ أخيراً إلى مستوىً عمليٍّ جدّاً: ما معنى التّمكين؟ هذا سؤالٌ صعبٌ للغاية. يقولُ بولسُ لكنيسةِ فيلبّي إنّ اللهَ هوَ العاملُ فينا مانحاً إيّانا الرّغبات. نحنُ نفهمُ ذلك، ولكنّهُ بعدَ ذلكَ يُعطينا القدرةَ على تحقيقِ تلكَ الرّغبات. قدْ يسألُ أحدُنا، "كيفَ يشكِّلُ هذا فرقاً بالنّسبةِ لي، فأنا أبذلُ قُصارى جُهدي في العمل؟ ما معنى الوصولِ إلى هذا التّوازن؟ "هذهِ أسئلةٌ صعبة.

ما معنى السّماحِ لروحِ اللهِ بتمكينِنا لإنجازِ العملِ الذي أعطانا إيّاهُ كيْ نعملَهُ؟ سواءً في الوعظِ أوِ النموِّ في القداسة، كيفَ يمكِنُنا أنْ نسمحَ للرّوحِ بعملِ ذلك؟ ليسَتْ لديَّ أيّةُ فكرة، فهذا مفهومٌ باطنيّ. عندما يحدثُ هذا، سوف نعرِفُ حقيقةَ الأمر، أليس كذلك؟ سوف ننظرُ إلى حياتِنا فجأةً ونتأمّلُها فيقولُ كلٌّ مِنّا، "يا إلهي، لمْ أعدْ أكرَهُ ذلكَ الشَّخص. كيفَ حدَثَ هذا؟ لمْ أتمكّنْ مِنْ فِعْلِ ذلك بمُفردي". الرّوحُ القدسُ هوَ العاملُ فيّ.

عندما يحدثُ هذا، سوف نعرِفُ حقيقةَ الأمر. والسّؤالُ هو، "كيفَ يكونُ ذلك؟" هناكَ الكثيرُ ممّا لا أفهمُهُ، ولكِنْ هناكَ أمرانِ لديَّ فكرةٌ واضحةٌ جدّاً عنهما. عندما يعترفُ الواحدُ فينا قائلاً، "لا أستطيع"، فلا بدَّ أنْ يبدأَ الأمرُ مِنْ هذهِ النّقطة، وعندها نسمَحُ لقوّةِ الرّوحِ بالتّدفّقِ مِنْ خلالِنا، ونَسمحُ للروحِ بأنْ يكونَ قوتَّنا، ونسمَحُ لهُ بتمكينِنا منَ المُضيِّ قدُماً. عندما ننظرُ إلى شخصٍ ما نشعرُ تجاهَهُ بالكراهيّةِ أو الغضب، أو نحتارُ في مسألةِ النمو في القداسة بأكملها. يبدأُ النموُّ حينَ أقولُ، "يا الله، لا أستطيعُ أنْ أفعلَ ذلك، لا أستطيعُ أنْ أحبَّ ذلكَ الشّخصَ فيما بعد". "يا الله، لا أستطيعُ التّوقفَ عَنِ النّميمةِ بمُفردي، فأنا مستمرٌّ في النّميمةِ طوالَ حياتي! أفتحُ فمي ومنْهُ تخرجُ كلُّ النّمائم. لا أستطيعُ التّوقّفَ عَنْ ذلك".

الاعترافُ هوَ الخُطوةُ الأُولى نحوَ التَّعافي. ألمْ نُلاحِظْ مِراراً وتكراراً عددَ المرّاتِ التي يقولُ فيها كاتبو سِفْرِ المزامير، "الرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي. إِلهِي صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي"؟ كان كاتبو سفرِ المزاميرِ يدركونَ معنى "لا يمكنُني تدبّرَ أمرِ أعدائي". "لا يمكنُني أنْ أعملَ ما دعوْتَني لأعملَهُ بمُفردي، فأنتَ الذي ستعملُ هذا". وحتّى قبلَ ألفِ عامٍ مِنَ الحلولِ الكاملِ للرّوحِ القدس، كان داود يدركُ أنّ تمكينَ اللهِ في حياتِنا يبدأُ بالقول، "لا يمكنُني عملُ ذلك" متبوعاً بالإيمانِ بقدرةِ اللهِ على عملِ ذلك. لا أستطيعُ أنْ أعملَ أيَّ شيءٍ في عظةٍ لتغييرِ قلوبِنا. لا أستطيعُ أنْ أعملَ في وَعْظي أيَّ شيءٍ يجعلُنا أكثرَ تشبُّهاً بيسوعَ المسيح. أعرفُ أنّه لا يوجدُ شيءٌ يمكنُني القيامُ به. لا شيءَ بالتّأكيدِ يمكنُ أنْ تعملَهُ البرامجُ أوِ الشّيوخُ لتغييرِ قلوبِنا، ونحنُ نُقِرُّ بذلك.

ومعَ ذلك، فإنّنا نؤمنُ بكلِّ ذرّةٍ في كيانِنا بأنّ اللهَ يستطيع. هذهِ هيَ صلاتي في كُلِّ يومِ أحدٍ قبلَ وُقوفي هنا. الهدفُ هوَ توجيهُنا إلى عملِ الرُّوحِ القدس. يقولُ زكرّيا، "لاَ بِالْقُدْرَةِ وَلاَ بِالْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ". لا بِقوَّتي بلْ بِروحِ اللهِ العاملِ في وسطِ أولادِهِ مرشداً ومُمكِّناً إيّاهُمْ. هكذا تُنجَزُ الأمورُ وهكذا تتغيّرُ الحياةُ لا لأنّنا أقوياء.

لا تظنّوا مُطلقاً أنّ ذلك يدعونا للكسلِ وتركِ اللهِ يعملُ كلَّ شيءٍ، فهذا الأمرُ ليسَ ذريعةً للكسل. لنْ أقفَ أمامَكُمْ أبداً محاوِلاً تقديمَ  ما يخطرُ ببالي مِنْ كلامٍ روحيٍّ لأنّني تكاسَلْتُ للغايةِ عَنِ التحضيرِ لموعظةٍ في الأسبوعِ السّابق. مِنَ المثيرِ للاهتمامِ أنْ يقولَ بولس في رومية 1:12-2، "فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ".

لا مكانَ للقول، "الأمرُ لا يهمُّني! سوف يُجري اللهُ عملَهُ". لا تسيرُ الأمورُ هكذا، بلْ يجبُ أنْ يقولَ المرء، "يا الله، إنّي لا أستطيعُ أنْ أفعلَ ذلك، ولكنّي أؤمنُ أنّهُ مِنْ خلالِ قوّةِ روحِكَ يمكنُكَ أنْ تجعَلَني أكثرَ تشبُّهاً بيسوعَ. وبإرشادِكَ وقوَّتِكَ سوفَ أقدِّمُ لك جسدي كلَّهُ sوكياني بأكملِهِ كذبيحةٍ حيّة. وفيما يُمكّنُني روحُكَ القدّوس، لنْ أدعَ العالمَ يضغطُني في قالبِهِ". أينَ كُنّا سنكونُ بدونِ سُكنى الرّوحِ القدس؟ أينَ كُنّا سنكونُ بدونِ تمكينِهِ؟ سنكونُ غيرَ قادرينَ على محاربَةِ الخطيّةِ أو التّمتّعِ بالنُّصرةِ في حياتِنا.

شكراً للهِ على عطيّةِ الرّوحِ القدسِ التي تفوقُ الوصف. أختمُ كلماتي بالمقطعِ الواردِ في يوحنّا 37:7-38. كانَ يسوعُ في أورشليم، "وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ العِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلاً: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». يمضي يسوعُ في شرحِ حديثِهِ قائلاً إنَّ الرّوحَ هو نهرُ ماءِ الحياة، وإنّ الرّوحَ يريدُ أنْ يفيضَ بمائِهِ، ويفيضَ مِنْ أرواحِنا وحياتِنا ليغمُرَ حياتَنا وعائلاتِنا وكنائسَنا. شكراً للهِ على عطيّةِ الرُّوحِ القدسِ التي تفوقُ الوصف!